قامت على العدل والإحسان دولته |
|
وأنشرت من وجود الجود ما رمسا (١) |
مبارك هديه باد سكينته |
|
ما قام إلّا إلى حسنى وما جلسا |
قد نوّر الله بالتقوى بصيرته |
|
فما يبالي طروق الخطب ملتبسا |
برى العصاة وراش الطائعين فقل |
|
في الليث مفترسا والغيث مرتجسا (٢) |
ولم يغادر على سهل ولا جبل |
|
حيّا لقاحا إذا وافيته بخسا |
فربّ أصيد لا تلفى به صيدا |
|
وربّ أشوس لا تلقى له شوسا (٣) |
إلى الملائك ينمي والملوك معا |
|
في نبعة أثمرت للمجد ما غرسا |
من ساطع النور صاغ الله جوهره |
|
وصان صيقله أن يقرب الدنسا |
له الثّرى والثريّا خطّتان فلا |
|
أعزّ من خطّتيه ما سما ورسا |
حسب الذي باع في الأخطار يركبها |
|
إليه محياه أنّ البيع ما وكسا |
إن السّعيد امرؤ ألقى بحضرته |
|
عصاه محتزما بالعدل محترسا |
فظلّ يوطن من أرجائها حرما |
|
وبات يوقد من أضوائها قبسا |
بشرى لعبد إلى الباب الكريم حدا |
|
آماله ومن العذب المعين حسا (٤) |
كأنّما يمتطي واليمن يصحبه |
|
من البحار طريقا نحوه يبسا |
فاستقبل السّعد وضاحا أسرّته |
|
من صفحة فاض منها النور وانعكسا |
وقبّل الجود طفّاحا غواربه |
|
من راحة غاص فيها البحر وانغمسا |
يا أيّها الملك المنصور أنت لها |
|
علياء توسع أعداء الهدى تعسا |
وقد تواترت الأنباء أنّك من |
|
يحيي بقتل ملوك الصّفر أندلسا (٥) |
طهّر بلادك منهم إنّهم نجس |
|
ولا طهارة ما لم تغسل النّجسا |
__________________
(١) رمس : قبر.
(٢) الليث : الأسد. والغيث : المطر. والمرتجس : المطر الذي يصحبه رعد وبرق.
(٣) الصيد : ميل العنق كبرياء. والشوس : التكبر.
(٤) حسا يحسو : هنا : شرب.
(٥) ملوك الصفر : أطلق العرب على الروم اسم : بني الأصفر. وملوك الصفر هنا ملوك نصارى الأندلس.