الإصلاح في أمّة جدّي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّد وسيرة أبي علي بن أبي طالب (١). فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا صبرت حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين.
هذه وصيتي إليك يا أخي ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب. والسلام عليك وعلى من اتبع الهدى ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (٢).
ثم طوى الكتاب وختمه بخاتمه ، ودفعه إلى أخيه محمّد بن الحنفية.
ثم ودّعه وخرج في جوف الليل يريد مكة بجميع أهله ، وذلك لثلاث ليال مضين من شهر شعبان سنة ٦٠ ه (لعله يقصد أن وصوله كان في هذا التاريخ).
يقول الدينوري في (الأخبار الطوال) ص ٢٢٨ :
لم يبق في المدينة عند رحيل الحسين عليهالسلام بأهله غير محمّد بن الحنفية. أما ابن عباس فقد كان خرج إلى مكة قبل ذلك بأيام.
وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٤٢١ :
وعن سكينة بنت الحسين عليهاالسلام قالت : لما خرجنا من المدينة ما كان أحد أشدّ خوفا منا أهل البيت.
__________________
(١) مقتل المقرم ، ص ١٥٦ نقلا عن مقتل العوالم ، ص ٥٤ ؛ وكذلك في مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤١. وفي المنتخب للطريحي زيادة (وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين).
(٢) غير خاف مغزى السبط المقدس من هذه الوصية ، فإنه أراد الهتاف بغايته الكريمة من نهضته المقدسة ، وتعريف الملأ نفسه ونفسيته ومبدأ أمره ومنتهاه ، ولم يبرح يواصل هذا بأمثاله إلى حين شهادته ، دحضا لما كان الأمويون يموّهون على الناس بأن الحسين عليهالسلام خارج على خليفة وقته ، يريد شقّ العصا وتفريق الكلمة واستهواء الناس إلى نفسه ، لنهمة الحكم وشره الرئاسة ، تبريرا لأعمالهم القاسية في استئصال آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولم يزل عليهالسلام مترسلا كذلك في جميع مواقفه هو وآله وصحبه حتّى دحروا تلك الأكذوبة ، ونالوا أمنيتهم في مسيرهم ومصير أمرهم.