قالها غيرك من العرب لرددتها عليه كائنا من كان ، ولكن والله مالي إلى ذكر أمك [أي فاطمة] من سبيل ، غير أنه لا بدّ لي من أن أنطلق بك إلى الأمير. قال عليهالسلام : إذن والله لا أتبعك. فقال الحر : إذن والله لا أدعك.
فقال الحسين عليهالسلام : فذر إذن أصحابك وأصحابي وابرز إليّ ، فإن قتلتني حملت رأسي إلى ابن زياد ، وإن قتلتك أرحت الخلق منك. فقال الحر : إني لم أؤمر بقتالك ، وإنما أمرت أن لا أفارقك أو أقدم بك على الأمير. وأنا والله كاره أن يبتليني الله بشيء من أمرك. غير أني أخذت بيعة القوم وخرجت إليك. وأنا أعلم أنه ما يوافي القيامة أحد من هذه الأمة إلا وهو يرجو شفاعة جدك ، وإني والله لخائف إن أنا قاتلتك أن أخسر الدنيا والآخرة ، ولكن أما أنا يا أبا عبد الله فلست أقدر على الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا ، ولكن خذ غير الطريق وامض حيث شئت (وفي رواية : ولكن خذ طريقا نصفا بيننا لا يدخلك الكوفة ولا يردّك إلى المدينة (١)) حتّى أكتب إلى الأمير أن الحسين خالفني الطريق فلم أقدر عليه ، وأنا أنشدك الله في نفسك (وفي رواية : وإني أذكّرك الله في نفسك (٢)) فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ. فقال الحسين عليهالسلام : كأنك تخبرني بأني مقتول!. فقال له : نعم يا أبا عبد الله ، لا أشك في ذلك إلا أن ترجع من حيث جئت. فقال الحسين عليهالسلام : لا أدري ما أقول لك ، ولكني أقول كما قال أخو الأوس وهو يريد نصرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فخوّفه ابن عمه حين لقيه ، وقال : أين تذهب فإنك مقتول ، فقال له :
سأمضي فما بالموت عار على الفتى |
|
إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما |
وواسى الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مذموما (٣) وخالف مجرما |
أقدّم نفسي لا أريد بقاءها |
|
لتلقى خميسا في النزال (٤) عرمرما |
فإن عشت لم أذمم (٥) وإن متّ لم ألم |
|
كفى بك ذلّا أن تعيش وترغما |
__________________
(١) مقتل المقرم ص ٢١٧. وفي تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٢٨ ط أولى مصر ، قال الحر : «فخذ ههنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية" وبينه وبين العذيب ٣٨ ميلا.
(٢) مقتل الحسين للمقرم ص ٢١٧.
(٣) وفي رواية : (مثبورا).
(٤) وفي رواية (في الهياج). والخميس : الجيش ، لأنه مؤلف من خمس فرق. ويوم الهياج : يوم القتال. العرمرم : الجيش الكثير.
(٥) وفي رواية (لم أندم).