فقال له زهير : فسر بنا حتّى ننزل كربلاء (١) فإنها على شاطئ الفرات ، فنكون هناك ، فإن قاتلونا قاتلناهم واستعنا بالله عليهم. فدمعت عينا الحسين عليهالسلام حين ذكر (كربلاء) وقال : الله م إني أعوذ بك من الكرب والبلاء.
(وفي مقتل المقرم ، ص ٢٢٨) : قال زهير بن القين : يابن رسول الله إن قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينا ما لا قبل لنا به. فقال الحسينعليهالسلام : ما كنت لأبدأهم بقتال. ثم قال زهير : ههنا قرية بالقرب منا على شط الفرات ، وهي في عاقول (٢) حصينة ، والفرات يحدق بها إلا من وجه واحد. قال الحسينعليهالسلام : ما اسمها؟. فقال : تسمى العقر (٣). فقال عليهالسلام : نعوذ بالله من العقر. والتفت الحسين إلى الحر وقال : سر بنا قليلا ثم ننزل. فساروا جميعا حتّى إذا أتوا أرض كربلاء وقف الحر وأصحابه أمام الحسين عليهالسلام ومنعوهم عن المسير ، وقالوا : إن هذا المكان قريب من الفرات.
ويقال : بينا هم يسيرون إذ وقف جواد الحسين عليهالسلام ولم يتحرك ، كما أوقف الله ناقة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند الحديبية. فعندها سأل الحسين عن الأرض؟ فقال له زهير : سر راشدا ولا تسأل عن شيء حتّى يأذن الله بالفرج. إن هذه الأرض تسمى الطف (٤). فقال عليهالسلام : فهل لها اسم غيره؟. قال : تعرف كربلاء. فدمعت عيناه وقال : الله م أعوذ بك من الكرب والبلاء ، ههنا محطّ ركابنا ومسفك دمائنا
__________________
(١) كربلاء : موضع في طريق البرية عند الكوفة. وتقع كربلاء على خط الطول ٤٣ درجة و ٥٥ دقيقة شرقي غرينتش ، وعلى خط العرض ٣٤ درجة و ٤٥ دقيقة شمال خط الاستواء ، في المنطقة المعتدلة الشمالية. وذكر المؤرخون أن كربلاء كانت في عهد البابليين معبدا ، وأن اسمها محرّف من كلمتي (كرب) بمعنى معبد أو مصلّى أو حرم ، و (أبلا) بمعنى (إله) باللغة الآرامية ، فيكون معناها (حرم الإله).
(٢) العاقول : منعطف الوادي والنهر.
(٣) جاء في كتاب (الحسين في طريقه إلى الشهادة) ص ١٢٨ أن هناك قريتين مندرستين تقعان على الفرات جنوب الأنبار (الفلوجة اليوم) يقال لهما عقر الغربي ، وهي التي أشار إليها زهير على الحسين عليهالسلام أن ينزل بها.
(٤) الطف في اللغة : ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق. وسمي (الطف) لأنه مشرف على العراق ، من أطفّ على الشيء ، بمعنى أطلّ. وطف الفرات : هو الشاطئ الّذي به قتل الحسين عليهالسلام وأصحابه ، وهي أرض بادية قريبة من الريف.