أدري ما تقول. فسكت الحسين عليهالسلام. فقال حبيب بن مظاهر للشمر : يا عدو الله وعدو رسوله ، إني لأظنك تعبد الله على سبعين حرفا ، وأنا أشهد أنك لا تدري ما يقول ، فإن الله تبارك وتعالى قد طبع على قلبك.
فقال له الحسين عليهالسلام : حسبك يا أخا بني أسد ، فقد قضي القضاء وجفّ القلم والله بالغ أمره. والله إني لأشوق إلى جدي وأبي وأمي وأخي وأسلافي ، من يعقوب إلى يوسف وأخيه ، ولي مصرع أنا لاقيه».
ثم قال الحسين عليهالسلام : فإن كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكّون أني ابن بنت نبيكم؟. فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري ، فيكم ولا في غيركم .. ويحكم أتطلبوني بقتيل فيكم قتلته ، أو بمال استهلكته ، أو بقصاص من جراحة؟. فأخذوا لا يكلمونه.
ثم نادى : يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ أن اقدم ، فقد أينعت الثمار واخضرّ الجناب ، وإنما تقدم على جند لك مجنّدة؟!. فقالوا : لم نفعل. قال عليهالسلام : سبحان الله ، بلى والله لقد فعلتم.
(وفي رواية تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢ ط ٢ نجف) :
«أنه نادى : يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا زيد بن الحرث ، ويا فلان ويا فلان ، ألم تكتبوا إليّ؟. فقالوا : ما ندري ما تقول!.
وكان الحر بن يزيد اليربوعي من ساداتهم ، فقال له : بلى والله لقد كاتبناك ، ونحن الذين أقدمناك ، فأبعد الله الباطل وأهله».
ثم قال عليهالسلام : أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمك ، فإنهم لن يروك إلا ما تحب ، ولن يصل إليك منهم مكروه. فقال له الحسين عليهالسلام : أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد (١). (وفي رواية : ولا أقرّ إقرار العبيد).
__________________
(١) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢٦.