الغيبة ، وما دل منها على عدمه على حال الحضور.
ولا شاهد عليه أصلاً ، ولا موجب له جدّاً ، سوى الحذر عن إهمال الحديث الصحيح لو لم يرتكب هذا الجمع ، ولا وجه له بعد إمكان الجمع بغيره ممّا مرّ ، بل جعله الشيخ أولى في التهذيب (١).
ومنه يظهر ما في نسبة هذا القول إليه فيه (٢) ، بل ولو لم يجعله أولى كما في الاستبصار (٣) لم تمكن النسبة أيضاً ؛ لترديد الجمع بين الاحتمالين ، مع عدم تصريحه بترجيح الجمع الذي يوافق هذا القول ، مع أنّ احتمالاته في مقام الجمع في الكتابين وإن لم يقع فيها ترديد لم يمكن نسبة القول بها إليه فيهما ، كما مضى التنبيه عليه مراراً ، هذا.
وربما يضعّف هذا الجمع بأنّ تخصيص ما دل على الردّ بحال الغيبة بعيد جدّاً ؛ لأنّ السؤال فيه للباقر عليهالسلام وقع من رجل مات بصيغة الماضي ، وأمرهم عليهمالسلام حينئذٍ ظاهر ، والدفع إليهم ممكن ، فحمله على حال الغيبة المتأخرة عن زمن السؤال عن ميت بالفعل بأزيد من مائة وخمسين سنة أبعد كما قال ابن إدريس (٤) ممّا بين المشرق والمغرب.
وفيه نظر ، يظهر وجهه أوّلاً مما مرّ.
وثانياً : أنّه على تقدير تسليمه إنّما يجري في الصحيح الذي مرّ حيث وقع التعبير فيه بلفظ الماضي ، وليس يجري في المعتبر الآخر القريب منه سنداً بابن أبي عمير عن أبان بن عثمان ؛ لوقوع التعبير فيه بلفظ المضارع
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٢٩٥.
(٢) نسبه إليه في المسالك ٢ : ٣١٧.
(٣) الإستبصار ٤ : ١٥٠ ، ١٥١.
(٤) السرائر ٣ : ٢٤٣.