______________________________________________________
المعصية على تركها ، فيوجب كراهتها في الأزمنة اللاحقة. أما العزم ـ الذي هو فعل اختياري للقلب زائداً على الإرادة والكراهة ـ فلا دليل على اعتباره لا في مفهومها ، ولا في ترتب الأثر عليها. بل قد يظهر من بعض النصوص خلافه ، ففي رواية أبي بصير : « قلت لأبي عبد الله (ع) : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ) ، قال : هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا. قلت وأينا لم يعد؟ فقال (ع) : يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب » (١) ، ونحوها رواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) ( ٢) بناءً على أن المراد بالمفتن من يتوب ثمَّ يذنب ثمَّ يتوب ، كما احتمله المجلسي (ره) في شرح الكافي ، واحتمل أيضاً أن يكون المراد منه من لا يعود إلى الذنب بعد التوبة ، لكن الأول أظهر بقرينة السؤال الثاني. نعم يظهر منهما اعتباره في التوبة النصوح ، بل هو صريح مرسل الصدوق : « روي أن التوبة النصوح هو أن يتوب الرجل من الذنب وينوي أن لا يعود إليه أبداً » (٣).
وبالجملة : لا دليل على اعتبار العزم بهذا المعنى في مفهوم التوبة ، أو في صحتها ، بل قد يكون اعتباره في ذلك موجباً لامتناع وقوعها من أكثر المذنبين الذين يثقون من أنفسهم بالعود ، لامتناع العزم المذكور حينئذ. اللهم الا أن يقال : العود الصادر من المكلف بالاختيار لا ينافي العزم المذكور ، بل يؤكده ، لأن العود حينئذ يكون من باب انتقاض العزم ، وانتقاض الشيء فرع وجوده. نعم إذا كان العود لا بالاختيار يكون مانعاً عن العزم على تركه ، لأن الوثوق بالقدرة على الشيء شرط لتحقق
__________________
(١) الوسائل ، باب : ٨٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ٣.
(٢) الوسائل ، باب : ٨٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ٤.
(٣) الوسائل ، باب : ٨٧ من أبواب جهاد النفس ، حديث : ٣.