والوجه الثالث ؛ السّلام يعنى : الثّناء الحسن ؛ قوله تعالى لنوح من بعده : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ)(١) يعنى : الثّناء الحسن (٢) ؛ وقال تعالى (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ)(٣) ؛ [وقال تعالى](٤) : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(٥) فهو الثّناء الحسن.
والوجه الرابع ؛ السّلام يعنى : السّلامة من الشّرّ ؛ فذلك قوله تعالى فى سورة هود لنوح : (اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا)(٦) يعنى : بسلامة من الشّرّ والغرق ؛ وقال تعالى فى سورة الأنبياء : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً)(٧) يعنى : وسلامة ؛ وقال تعالى فى سورة الواقعة : (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ)(٨) يعنى : حين يخلو من سيّئاتهم (٩) ، ويجازيهم بالحسنات ؛ وقال تعالى فى سورة الحجر : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ)(١٠) ؛ وقال تعالى فى سورة ق : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ)(١١).
والوجه الخامس ؛ السّلام يعنى : التّحيّة التى يحيّا بها المسلمون بعضهم بعضا وهى تحيّة أهل الجنّة ، فذلك قوله تعالى فى سورة النّور : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ)(١٢) ؛ وقال تعالى ـ أيضا ـ فى سورة الرّعد : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ)(١٣) وهى : التّحيّة (١٤).
* * *
__________________
(١) سورة الصافات / ٧٩.
(٢) هذا مذهب أبى العباس المبرد : (تفسير القرطبى ١٥ : ٩٠).
(٣) سورة الصافات / ١٢٠.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة يقتضيها السياق.
(٥) سورة الصافات / ١٣٠.
(٦) الآية ٤٨.
(٧) الآية ٦٩.
(٨) الآية ٩١.
(٩) فى ل : «يعنى : سلامة لك من أصحاب اليمين حين يتجاوز عن سيئاتهم ...» وفى (تفسير القرطبى ١٧ : ٢٣٣) «قيل : معناه : إنه يحيّا بالسّلام إكراما».
(١٠) الآية ٤٦. «أى : بسلامة من كل داء وآفة. وقيل : بتحية من الله لهم» (تفسير القرطبى ١٠ : ٣٢)
(١١) الآية ٣٤.
(١٢) الآية ٦١ ، وفى (تفسير القرطبى ١٢ : ٣١٩) «فسلّموا» معناه : فحيّوا».
(١٣) الآيتان ٢٣ ، ٢٤.
(١٤) فى ل : «وهى تحية أهل الجنة». فى (تفسير القرطبى ٩ : ٣١٢) «أى يقولون سلام عليكم فأضمر القول أى قد سلمتم من الآفات والمحن. وقيل : هو دعاء لهم بدوام السلامة ، وإن كانوا سالمين ، أى سلمكم الله ، فهو خبر معناه الدعاء ويتضمن الاعتراف بالعبودية».