والوجه الرابع ؛ الآخرة يعنى : الأخيرة ؛ قوله تعالى فى سورة ص : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ)(١) يعنى : الملّة الأخيرة ، وهى ملّة (٢) كانت من قبل ملّته ؛ ولكن المعنى / : أنّها كانت آخر الملل قبل (٣) النّبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ. وقال تعالى فى سورة «بنى إسرائيل» : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ)(٤) يعنى : وعد الأخير من العذابين [اللّذين](٥) وعدهم.
والوجه الخامس ؛ الآخرة يعنى : القبر ؛ قوله تعالى فى سورة إبراهيم : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)(٦) يعنى : «فى» (٧) القبر عند مساءلة منكر ونكير (٨).
* * *
__________________
(١) الآية ٧.
(٢) فى م : «وهى ملة من كانت».
(٣) قال الزمخشرى : «فى ملة عيسى التى هى آخر الملل ، ... أو فى ملة قريش التى أدركنا عليها آباءنا ، .. والمعنى : أنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا من الكهان ، أنه يحدث فى الملة الآخرة توحيد الله» (الكشاف ٢ : ٢٤٥) وانظر : (تفسير الطبرى ٢٣ : ١٣٧) و (تنوير المقباس : ١٨١) و (تفسير القرطبى ١٥ : ١٥٠).
(٤) الآية ٧. وتسمى سورة الإسراء.
(٥) ما بين الحاصرتين إضافة يقتضيها السياق. «قال ابن زيد : كانت الآخرة أشدّ من الأولى بكثير ، قال : لأن الأولى كانت هزيمة فقط ، والآخرة كان التدمير ، وأحرق بختنصر التوراة حتى لم يبق منها حرف واحد ، وخرب المسجد. وقال الطبرى ـ قبل ذلك ـ : فإذا جاء وعد المرة الآخرة من مرتى إفسادكم يا بنى إسرائيل فى الأرض» (تفسير الطبرى ١٥ : ٢٤).
(٦) الآية ٢٧.
(٧) الإثبات عن م ، وفيه بعد هذا ـ ـ «حين سؤال ..».
(٨) كما فى : (تنوير المقباس ١٦٢) ، و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٤١٨). وفى (غرائب القرآن للنيسابورى ١٣ : ١٣١) «وتثبيتهم فى الآخرة : أنهم إذا سئلوا فى القبور لم يتلعثموا ، وإذا وقفوا بين يدى الجبار لم يبهتوا. وانما فسرت الآخرة هنا بالقبر ، لأن الميت ينقطع بالموت عن أحكام الدنيا ، ويدخل فى أحكام الآخرة» وفى (تفسير القرطبى ٩ : ٣٦٢) «وحكى الماوردى عن البراء قال : المراد بالحياة الدنيا : المساءلة فى القبر ، وبالآخرة : المساءلة فى القيامة».