كل ما فضل ممّا بيّنه هؤلاء الظالمون ، لتؤدّى إلى مستحقّها ، فاضطربت تلك الأموال ، وجعلت تفصل بعضها من بعض حتى تميزت أجزاؤها كما ظهر في الكتاب المكتوب ، وبيّن أنهم سرقوه واقتطعوه ، فدفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى من حضر من عوامّهم نصبهم ، وبعث إلى من غاب فأعطاه ، وأعطى ورثه من قد مات ، وفضح الله اليهود والرؤساء ، وغلب الشّقاء على بعضهم وبعض العوامّ ، ووفّق الله بعضهم.
فقال الرؤساء الذين همّوا بالإسلام : نشهد ـ يا محمّد ـ أنّك النبيّ الأفضل ، وأنّ أخاك هذا هو الوصيّ الأجلّ الأكمل ، فقد فضحنا الله بذنوبنا ، أرأيت إن تبنا وأقلعنا ما ذا تكون حالنا؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذن أنتم رفقائنا في الجنان ، وتكونون في الدنيا في دين الله إخواننا ، ويوسّع الله تعالى أرزاقكم ، وتجدون في مواضع هذه الأموال التي أخذت منكم أضعافا ، وينسى هؤلاء الخلق فضيحتكم حتى لا يذكرها أحد منهم.
فقالوا : إنّا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنّك ـ يا محمّد ـ عبده ورسوله وصفيّه وخليله ، وأنّ عليّا أخوك ووزيرك ، والقيّم بدينك ، والنائب عنك ، والمناضل دونك ، وهو منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فأنتم المفلحون» (١).
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ص ٢٣٣ ، ح ١١٤.