بعضا منها ، ثمّ دخلوها.
فلمّا بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه ، فدخل بعضهم ، فلمّا دخل آخرهم ، وهمّ بالخروج أوّلهم أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم ، فغرقوا ، وأصحاب موسى ينظرون إليهم ، فذلك قوله عزوجل : (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إليهم.
قال الله عزوجل لبني إسرائيل في عهد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : فإذا كان الله تعالى فعل هذا كلّه بأسلافكم لكرامة محمد ، ودعاء موسى ، دعاء تقرب بهم [إلى الله] أفلا تعقلون أن عليكم الإيمان بمحمّد وآله إذ شاهدتموه الآن؟ ثم قال الله عزوجل : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ).
قال الإمام عليهالسلام : «كان موسى بن عمران عليهالسلام يقول لبني إسرائيل : إذا فرّج الله عنكم وأهلك أعداءكم أتيتكم بكتاب من ربّكم ، يشتمل على أوامره ونواهيه ومواعظه وعبره وأمثاله.
فلمّا فرج الله عنهم ، أمر الله عزوجل أن يأتي للميعاد ، ويصوم ثلاثين يوما عند أصل الجبل ، وظنّ موسى أنّه بعد ذلك يعطيه الكتاب ، فصام موسى ثلاثين يوما ، فلمّا كان في آخر الأيّام استاك قبل الفطر. فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى ، أما علمت أن خلوف (١) فم الصائم أطيب عندي من رائحة المسك؟ صم عشرا أخر ولا تستك عند الإفطار ، ففعل ذلك موسى عليهالسلام ، وكان وعد الله أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة ، فأعطاه إيّاه.
فجاء السامريّ فشبّه على مستضعفي بني إسرائيل ، وقال : وعدكم موسى
__________________
(١) الخلوف : رائحة الفم المتغيّرة. «مجمع البحرين ـ خلف ـ ٥ : ٥٣».