أولياءهم أولياء الله ، وأنّ أعداءهم أعداء الله.
ويقول بعضهم : نشهد أنّ محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحب المعجزات ، ومقيم الدلالات الواضحات ، هو الذي لمّا تواطأت قريش على قتله ، وطلبوه فقدا لروحه ، يبّس الله أيديهم فلم تعمل ، وأرجلهم فلن تنهض ، حتى رجعوا عنه خائبين مغلوبين ، ولو شاء محمّد وحده قتلهم أجمعين ، وهو الذي لمّا جاءته قريش ، وأشخصته إلى هبل ليحكم عليه بصدقهم وكذبه خرّ هبل لوجهه ، وشهد له بنبوّته ، ولعليّ أخيه بإمامته ، ولأوليائه من بعده بوراثته ، والقيام بسياسته وإمامته. وهو الذي لمّا ألجأته قريش إلى الشّعب (١) ، ووكّلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت ، ومن خروج أحد عنه ، خوفا أن يطلب لهم قوتا ، غذا هناك كافرهم ومؤمنهم أفضل من المنّ والسّلوى ، وكلّ ما اشتهى كلّ واحد منهم من أنواع الأطعمات الطيّبات ، ومن أصناف الحلاوات ، وكساهم أحسن الكسوات.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين أظهرهم إذ يراهم وقد ضاقت لضيق فجّهم (٢) صدورهم ، قال بيده (٣) هكذا بيمناه إلى الجبال ، وهكذا بيسراه إلى الجبال ، وقال لها : اندفعي ، فتندفع وتتأخّر حتّى يصيروا بذلك في صحراء لا ترى أطرافها ، ثمّ يقول بيده هكذا ، ويقول : أطلعي ـ يا أيّتها المودعات لمحمد وأنصاره ـ ما أودعكها الله من الأشجار والأثمار والأنهار وأنواع الزهر والنبات ، فتطلع الأشجار الباسقة ، والرياحين المونقة والخضروات النزهة ما تتمتّع به القلوب والأبصار ، وتنجلي به الهموم والغموم والأفكار ، وهم
__________________
(١) الشعب : الطريق في الجبل ، أو ما انفرج بين جبلين ، والمقصود هنا شعب أبي يوسف بمكّة.
(٢) الفجّ : الطريق الواسع بين الجبلين : «الصحاح ـ فجج ـ ١ : ٣٣٣».
(٣) قال بيده : أشار بها. وفي «ط» نسخة بدل : شال.