وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) وكان أعظمهم جسما ، وكان شجاعا قويّا ، وكان أعلمهم ، إلّا أنّه كان فقيرا ، فعابوه بالفقر ، فقالوا : لم يؤت سعة من المال ، (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ).
وكان التابوت الذي أنزل الله على موسى ، فوضعته فيه أمّه وألقته في اليمّ ، فكان في بني إسرائيل معظّما ، يتبرّكون به ، فلما حضرت موسى الوفاة وضع فيه الألواح ، ودرعه ، وما كان عنده من آيات النبوّة ، وأودعه يوشع وصيّه ، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفّوا به ، وكان الصّبيان يلعبون به في الطرقات.
فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام التابوت عندهم ، فلمّا عملوا بالمعاصي ، واستخفوا بالتابوت ، رفعه الله عنهم ، فلمّا سألوا النبيّ بعث الله تعالى طالوت عليهم ملكا ، يقاتل معهم ، فردّ الله عليهم التابوت ، كما قال : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) ـ قال ـ البقيّة ذريّة الأنبياء» (١).
وقال الإمام الرضا عليهالسلام : «السكينة ريح من الجنّة ، لها وجه كوجه الإنسان ، فكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين والكفّار ، فإن تقدّم التابوت رجل لا يرجع حتى يقتل أو يغلب ، ومن رجع عن التابوت كفر ، وقتله الإمام.
فأوحى الله إلى نبيّهم : أنّ جالوت يقتله من تستوي عليه درع موسى ، وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب عليهالسلام اسمه داود بن آسي ، وكان آسي راعيا ، وكان له عشرة بنين أصغرهم داود. فلمّا بعث طالوت إلى بني
__________________
(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٨١.