إسرائيل ، وجمعهم لحرب جالوت ، بعث إلى آسي : أن أحضر ولدك ، فلمّا حضروا دعا واحدا واحدا من ولده ، فألبسه الدّرع ، درع موسى عليهالسلام ، فمنهم من طالت عليه ، ومنهم من قصرت عنه ، فقال لآسي : هل خلّفت من ولدك أحدا؟ قال : نعم ، أصغرهم تركته في الغنم راعيا ، فبعث إليه [ابنه] فجاء به ، فلمّا دعي أقبل ومعه مقلاع ـ الذي يرمي به الجمر ـ قال ـ فنادته ثلاث صخرات في طريقه ، قالت : يا داود ، خذنا ، فأخذها في مخلاته ، وكان شديد البطش ، قويّا في بدنه ، شجاعا.
فلمّا جاء طالوت ألبسه درع موسى فاستوت عليه ، ففصل طالوت بالجنود ، وقال لهم نبيّهم : يا بني إسرائيل ، (إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) ، في هذه المفازة ، (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ) من حزب الله ، ومن لم يشرب فإنه من حزب الله إلّا من اغترف غرفة بيده. فلمّا وردوا النهر ، أطلق الله لهم أن يغرف كلّ واحد منهم غرفة بيده ، فشربوا منه إلّا قليلا منهم ، فالذين شربوا منه كانوا ستّين ألفا ، وهذا امتحان امتحنوا به ، كما قال الله» (١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، فلمّا جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت ، قال الذين شربوا منه (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) وقال الذين لم يشربوا : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).
فجاء داود حتى وقف بحذاء جالوت ، وكان جالوت على الفيل ، وعلى رأسه التاج ، وفي جبهته ياقوتة ، يلمع نورها ، وجنوده بين يديه ، فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا ، فرمى به في ميمنة جالوت ، فمرّ في الهواء ووقع عليهم فانهزموا ، وأخذ حجرا آخر ، فرمى به في ميسرة جالوت ، فوقع عليهم
__________________
(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٨٢.