الله سبحانه : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)(١) وهذا كثير في كتاب الله عزوجل والهداية هي الولاية ، كما قال الله عزوجل : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ)(٢) ، والذين آمنوا في هذا الموضع ، هم المؤتمنون على الخلائق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر ، وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا ، إنّ المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويدفعون عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما عهد به من دين الله وعزائمه وبراهين نبوته إلى وصيّه ، ويضمرون من الكراهة له ، والنقض لما أبرمه منه ، عند إمكان الأمر لهم ، فيما قد بيّنه لنبيّه بقوله : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(٣) ، وبقوله : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ)(٤) ، ومثل قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(٥) ، أي لتسلكنّ سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء ، وهذا كثير في كتاب الله عزوجل ، وقد شقّ على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يؤول إليه عاقبة أمرهم ، وإطلاع الله إياه على بوارهم ، فأوحى الله عزوجل إليه : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ)(٦) و (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)(٧).
وأما قوله : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)(٨) فهذا من براهين نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم التي آتاه الله إياها وأوجب به الحجّة على سائر خلقه ، لأنه لما ختم به الأنبياء وجعله الله رسولا إلى جميع الأمم وسائر الملل ، خصه الله بالارتقاء
__________________
(١) غافر : ٨٥.
(٢) المائدة : ٥٦.
(٣) النساء : ٦٥.
(٤) آل عمران : ١٤٤.
(٥) الانشقاق : ١٩.
(٦) فاطر : ٨.
(٧) المائدة : ٦٨.
(٨) الزخرف : ٤٥.