في قوم نوح : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)(١) ، وقوله فيمن آمن من أمّة موسى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(٢) ، وقوله في حواري عيسى ، حيث قال لسائر بني إسرائيل : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(٣) يعني بأنهم مسلمون لأهل الفضل فضلهم ، ولا يستكبرون عن أمر ربهم ، فما أجابه منهم إلا الحواريون ، وقد جعل الله للعلم أهلا وفرض على العباد طاعتهم بقوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٤) وبقوله : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(٥) ، وبقوله : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(٦) ، وبقوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(٧) ، وبقوله : (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها)(٨) ، والبيوت هي بيوت العلم الذي استودعته الأنبياء ، وأبوابها أوصياؤهم.
فكل من عمل من أعمال الخير فجرى على غير أيدي أهل الاصطفاء وعهودهم وحدودهم وشرائعهم وسننهم ومعالم دينهم ، مردود وغير مقبول ، وأهله بمحلّ كفر وإن شملتهم صفة الإيمان ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ)(٩)؟ وماتوا وهم كافرون ، فمن لم يهتد من أهل الإيمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه إيمانه بالله مع دفعه حق أوليائه ، وحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ، وكذلك قال
__________________
(١) هود : ٤٠.
(٢) الأعراف : ١٥٩.
(٣) آل عمران : ٥٢.
(٤) النساء : ٥٩.
(٥) النساء : ٨٣.
(٦) التوبة : ١١٩.
(٧) آل عمران : ٧.
(٨) البقرة : ١٨٩.
(٩) التوبة : ٥٤.