وموت ، وعلم غيب السماوات والأرض ، والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله وأصفيائه ، والسّفرة بينه وبين خلقه ، وهم وجه الله الذي قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(١) ، هم بقية الله ، يعني المهدي يأتي عند انقضاء هذه النظرة ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ومن آياته : الغيبة والاكتتام عند عموم الطغيان ، وحلول الانتقام ، ولو كان هذا الأمر الذي عرفتك نبأه للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دون غيره ، لكان الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ، ولقال : نزلت الملائكة ، وفرق كل أمر حكيم ، ولم يقل (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ)(٢) و (يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)(٣) ، وقد زاد جل ذكره في التبيان وإثبات الحجّة بقوله في أصفيائه وأوليائه عليهمالسلام : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ)(٤) ، تعريفا للخليقة قربهم ، ألا ترى أنك تقول : فلان إلى جنب فلان ، إذا أردت أن تصف قربه منه؟
وإنما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه ، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه منه ، وتلبيسهم ذلك على الأمة ، ليعينوهم على باطلهم ، فأثبت فيه الرّموز ، وأعمى قلوبهم وأبصارهم ، لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه ، وجعل أهل الكتاب القائمين به والعالمين بظاهره وباطنه ، من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت ، وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم فأبى الله إلا أن يتم نوره. ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه
__________________
(١) البقرة : ١١٥.
(٢) القدر : ٤.
(٣) الدخان : ٤.
(٤) الزمر : ٥٦.