فإن قيل : فعلى هذا هل يجوز أن يقال : إن النار أعدت لغير الكافرين من الفاسقين؟
قلنا عن ذلك أجوبة :
١ ـ قال الحسن : يجوز ذلك ، لأنه من الخاص الذي معه دلالة على العام ، كما قال : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)(١) وليس كل من دخل النار كفر بعد إيمانه. ومثله قوله ؛ (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ)(٢) وليس كل الكفار يقول ذلك. ومنه قوله : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٣) وليس كل الكفار سووا لشياطين برب العالمين.
٢ ـ أنه لا يقال أعدت لغيرهم من الفاسقين ، لأن إعدادها للكافرين من حيث كان عقابهم هو المعتمد وعقاب الآخرين له تبع ، كما قال : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(٤) ولا خلاف أنه يدخلها الأطفال والمجانين إلا أنهم تبع للمتقين ، لأنه لولاهم لم يدخلوها. ولا يقال : إن الجنة أعدت لغير المتقين.
٣ ـ أن تكون هذه النار نارا مخصوصة فيها الكفار خاصة دون الفساق وإن كان هناك نار أخرى يدخلها الفساق ، كما قال : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى)(٥) وكما قال : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)(٦).
واستدل بهذه الآية على أن الربا كبيرة ، لأن تقديره (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي
__________________
(١) آل عمران : ١٠٦.
(٢) الملك : ٨.
(٣) الشعراء : ج ٩٤ ـ ٩٨.
(٤) آل عمران : ١٣٣.
(٥) الليل : ١٥ ـ ١٦.
(٦) النساء : ١٤٥.