أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) أن يأكلوا الربا ، فيستحقونها ، والإجماع حاصل على أن الربا كبيرة ، فلا يحتاج إلى هذا التأويل ، لأن الآية يمكن أن يقول قائل : إنها بمعنى الزجر والتحذير عن الكفر ، فقط.
وقوله (أُعِدَّتْ) فالإعداد هو تقديم عمل الشيء لغيره مما هو متأخر عنه وقد قدم فعل النار ليصلاها الكفار. والإعداد والإيجاد والتهيئة والتقدمة متقاربة المعنى.
وقوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) : أمر بالطاعة لله ورسوله. والوجه في الأمر بالطاعة لله ورسوله مع أن العقل دال عليه يحتمل أمرين :
١ ـ أن يكون ذلك تأكيدا لما في العقل ، كما وردت نظائره ، كقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(١) (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)(٢) وغير ذلك.
٢ ـ لاتصاله بأمر الربا الذي لا تجب الطاعة فيه إلا بالسمع ، لأنه ليس مما يجب تحريمه عقلا كما يجب تحريم الظلم بالعقل.
فإن قيل : إذا كانت طاعة الرسول طاعة الله فما وجه التكرار؟ قلنا عنه جوابان :
١ ـ المقصود بها طاعة الرسول فيما دعا إليه مع القصد لطاعة الله تعالى.
٢ ـ ليعلم أن من أطاعه فيما دعا إليه كمن أطاع الله ، فيسارع إلى ذلك بأمر الله. والطاعة موافقة الإرادة الداعية إلى الفعل بطريق الرغبة ، والرهبة. ولذلك صح أن يجيب الله تعالى عبده ، وإن لم يصح منه أن يطيعه ، لأن الإجابة إنما هي موافقة الإرادة مع القصد إلى موافقتها على حد ما وقعت من المريد.
وقوله : (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) يحتمل أمرين :
__________________
(١) الشورى : ١١.
(٢) الأنعام : ١٠٣.