مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)(١) وضرب المثل في هذه السورة بالذي استوقد نارا ، وبالصيّب من السّماء. قالت الكفّار والنواصب : وما هذا من الأمثال فيضرب؟! يريدون به الطعن على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال الله : يا محمد (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي) لا يترك حياء (أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) للحقّ ـ وقيل للخلق ـ ، يوضّحه به عند عباده المؤمنين (ما بَعُوضَةً) أي ما هو بعوضة المثل (٢) (فَما فَوْقَها) فوق البعوضة وهو الذّباب ، يضرب به المثل إذا علم أنّ فيه صلاح عباده المؤمنين ونفعهم.
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بالله وبولاية محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ وآلهما الطيّبين ، وسلّم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة أحكامهم وأخبارهم وأحوالهم ولم يقابلهم في أمورهم ، ولم يتعاط ـ أي يخوض فيه ـ الدخول في أسرارهم ، ولم يفش شيئا ممّا يقف عليه منها إلّا بإذنهم (فَيَعْلَمُونَ) يعلم هؤلاء المؤمنون الذين هذه صفتهم (أَنَّهُ) المثل المضروب (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) أراد به الحقّ وإبانته ، والكشف عنه وإيضاحه.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بمعارضتهم في عليّ ب (لم) وتركهم الانقياد في سائر ما أمر به (فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً
__________________
(١) العنكبوت : ٤١.
(٢) قوله عليهالسلام : ما هو بعوضة المثل ، لعلّه كان في قراءتهم عليهمالسلام (بعوضة) بالرفع ـ كما قرىء به في الشواذ ـ قال البيضاوي ـ بعد أن وجّه قرادة النصب يكون كلمة (ما) مزيدة للتنكير والإبهام أو للتأكيد : وقرئت بالرفع على أنّه خبر مبتدأ ، وعلى هذا تحتمل (ما) وجوها أخر : أن تكون موصولة حذف صدر صلتها ، أو موصوفة بصفة كذلك ومحلّها النصب بالبدليّة على الوجهين ، أو استفهامية هي المبتدأ ، (تفسير البيضاوي : ج ١ ، ص ٤٤) ، (بحار الأنوار : ج ٢٤ ، ص ٣٩٢).