عليهالسلام ، وعبد الله بن بكير من فقهاء الشيعة وفتاواهم كثيرة (١) وكان علماء الشيعة في تلك العصور من أعظم العلماء على الإطلاق ، فلم يعد هناك متكلّم يمكنه الوقوف أمام هشام بن الحكم.
علما انّ التعصب المذهبي بلغ بهم إلى أن يقول أبو الحسين الكرمي رئيس الفقه الحنفي في العراق ، المتوفّى سنة ٣٤٩ ه : « إنّ كلّ آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤوّل أو منسوخ ».
فكان لعلماء الشيعة الفضل في إرجاع العلماء إلى التأليف على ضوء الكتاب والسنّة.
وقد كانت لهم اليد الطولى في إخراج فقهاء السنّة من التقليد ، لكثرة احتجاجهم عليهم ، ومباحثتهم معهم فيه ، ففي بغداد عاصمة الدولة الإسلامية تجد فقهاء الشيعة قد ناقشوا أرباب المذاهب السنيّة بصورة حادّة في النوادي والمجالس العامّة.
وكان الفقهاء أحرارا في انتخاب الآراء حسب الاستنباطات التي يتوصّل إليها عقلهم ، حتّى وصل الحد إلى أنّ فقهاء الشيعة يعارض بعضهم بعضا في ذلك الوقت ، وفي حضور الإمام ولم يردّهم عليهالسلام عن ذلك ، ومن تلك المناظرات ما كتبه هشام في رد مؤمن الطاق (٢).
وكانت المدوّنات الحديثية في تلك الفترة ناقصة وغير كاملة إلاّ مدوّنة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، كما ولم تكن في تلك الفترة كتب فقهيّة تعنى بنقل الفتاوى ، بل إنّ الموجود هو تلك الموسوعات الحديثية ، كما هو الحال في صياغة المقاييس الخاصة بالاجتهاد ومعالجة الأحاديث المتعارضة ، فكانوا يرجعون إلى الإمام عليهالسلام مباشرة لوجوده بين ظهرانيهم يستمدون منه القول الفصل.
فتتحدّد معالم هذه المدرسة في عدّة نقاط هامّة من أنّ الاجتهاد لا زال بدائيّا في محتواه ، لوجود الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الميامين
__________________
(١) راجع كشف القناع : ٨٢ ، ٨٣ ، ١٩٨ ، ٢٤٤.
(٢) رجال النجاشي : ٤٣٣.