ولا يجوز له التحرّي وان انقلب أحدهما ، بل يتيمّم مع فقد غيرهما ، ولا تجب الإراقة ، بل قد تحرم عند خوف العطش.
ولو اشتبه المطلق بالمضاف ، تطهّر بكل واحد منهما طهارة ،
______________________________________________________
في الأكل والشرب اختيارا.
قوله : ( ولا يجوز التحري وإن انقلب أحدهما ).
المراد بالتحري : الاجتهاد في طلب الأحرى بالاستعمال ، وهو الظاهر ، لقرينة ثبوت النهي عن استعمالهما ، والقرينة التي لا تثمر اليقين غير كافية في الخروج عن النهي الشرعي ، ولأنه لا يأمن أن يكون استعماله للنجس ، فيتنجس به مع بقائه على حدثه ، وليس هذا كالاجتهاد في القبلة ، وجوّزه الشافعي هنا (١).
ومع انقلاب أحد الإناءين ، فالتحري عند بعض الشافعية ثابت ، ـ كما إذا لم ينقلب ـ وعند بعضهم يتعين استعمال الباقي لعدم القطع بوجود النجس ، وقد كان الأصل الطهارة (٢) ، وليس بشيء ، فحاول المصنف الرد عليهم ، مشيرا الى الوجه الأخير بقوله : ( وإن انقلب أحدهما ) ، فإن الانقلاب مفض إلى الطهارة عند البعض ـ كما عرفت ـ فجواز التحري معه أولى ، وفي العبارة شائبة التكلف.
قوله : ( ولا تجب الإراقة ، بل قد تحرم عند خوف العطش ).
خالف الشيخ (٣) في ذلك فقال بوجوب الإراقة لورود الأمر بها في بعض الاخبار (٤) ، وهو ضعيف ، وربما كانت حراما لخوف العطش ونحوه.
قوله : ( ولو اشتبه المطلق بالمضاف تطهّر بكل واحد منهما طهارة ).
لا ريب أن التطهر بهما محصل للطهارة بالمطلق المأمور بها ، فيكون مقدمة للواجب المطلق ، ولا يضر عدم جزمه بالنيّة عند كل طهارة ، لأن الجزم إنما يعتبر بحسب الممكن ، لكن يشترط لصحته فقد ما ليس بمشتبه ، وإلا تعين استعماله.
__________________
(١) المجموع شرح المهذب ١ : ١٨٠ ، وفتح العزيز بهامشه ١ : ٢٧٣.
(٢) انظر : المجموع ١ : ١٨٥.
(٣) التهذيب ١ : ٢٤٧.
(٤) التهذيب ١ : ٢٢٩ حديث ٦٦٢ ، الاستبصار ١ : ٢١ حديث ٤٨.