المقصد الرابع : في الوضوء ، وفصوله ثلاثة :
الأول : في أفعاله وفروضه سبعة :
أولا : النيّة ، وهي إرادة إيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا ،
______________________________________________________
قوله : ( المقصد الرابع : في الوضوء : وفصوله ثلاثة ).
لا ريب أن مباحث الطهارة هي المقصود الحقيقي في هذا الكتاب ، وما سبق من المباحث بالنسبة إليها كالمقدمات ، والوضوء ، بالضم : الفعل من الوضاءة ، وهي الحسن ، وبالفتح : الماء المعد له.
قوله : ( وفروضه سبعة : الأول : النية ، وهي إرادة إيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا ).
يمكن أن يراد بالأفعال جملة ما يتوقف عليه الشيء ، فلا ينافيه قوله بعد ( وهي شرط في كل طهارة ، ... ) بل هو الأنسب ، لأن النية بالشرط أشبه لسبقها على باقي الأفعال ومصاحبتها إلى الآخر ، وهكذا شأن الشروط ، واللام في النية للعهد كما هو المتبادر ، لأن الظاهر أن المراد بالنية نية الوضوء ، ومقتضى قوله : ( وهي ) أن التعريف لها ، فيكون تعريفا بالأعم ، ولا يتعين أن يراد بالفعل الوضوء كما قيل ، وإن كان صادقا عليه.
والظاهر أن المصنف لما أراد تعريف نيّة الوضوء ، ورأى أنّ تعريف مطلق النية أنفع لعمومه وأليق ، لأن الوضوء أول العبادات فيناسبه البحث عما يشترك فيه جميعها ، وهو النيّة ، والمطلوب ـ وهو معرفة نية الوضوء ـ حاصل ، عدل إلى تعريف مطلق النية ، وإن كان نظم عبارته ليس بذلك الحسن ، والإرادة جنس يتناول كلاّ من النيّة والعزم ، لأنها أعم من أن تقارن الفعل أولا ، ومن وقوعها جنسا لتعريف النية يعلم أن النطق لا دخل له في النيّة أصلا ، وبإضافتها إلى إيجاد الفعل تخرج إرادة ترك المنهيات على الوجه المعتبر من أنها نيّة.
وكذا تخرج نية الصوم والإحرام ، لأن كلا منهما عبارة عن الإمساك عن أمور