______________________________________________________
الخلاف يرجع الى أربعة أقوال :
الأول : الحكم بالنجاسة بالملاقاة مطلقا ، واليه ذهب أكثر الأصحاب (١).
والثاني : الحكم ببقاء الطهارة والنزح مستحب ، وإليه ذهب المصنف وجماعة (٢).
الثالث : القول بعدم النجاسة مع وجوب النزح تعبدا ، وهو قول الشيخ في التهذيب (٣).
الرابع : القول بعدم النجاسة إن كان ماؤها كرّا وإلاّ تنجس (٤).
وهذان القولان نادران ، وأما الأولان فالأخبار في الدلالة عليهما مختلفة (٥) ، ولا يكاد يوجد خبر واحد من الأخبار الدالة على النجاسة سليما عن الطعن ، وأخبار الطهارة (٦) ـ مع سلامتها عن ذلك ـ أقوى دلالة ومتأيّدة بالأصل ، وبدلائل أخرى :
منها : ما ذكره المصنف في المنتهى : لو نجست البئر بالملاقاة لما طهرت ، والتالي ظاهر البطلان (٧).
بيان الملازمة : أن الدلو والرّشا (٨) وجوانب البئر تتنجس بملاقاة الماء النجس ، ونجاستها مانعة من حصول الطهارة في الماء بالنزح لدوام ملاقاتها ، وكذا المتساقط من الدلو حال النزح خصوصا الدلو الأخير ، وليس ارتكاب الحكم بطهارتها ، بعد
__________________
(١) من القائلين به : المفيد في المقنعة : ٩ ، والمرتضى في الانتصار : ١١ ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٣٠ ، وعبارته غير صريحة ، والشيخ في المبسوط ١ : ٩ ، والشهيد في البيان : ٤٥ ، واللمعة ١ : ٣٤ ـ ٣٥ : ١٥.
(٢) منهم : الفاضل في إيضاح الفوائد ١ : ١٧ ونقله عن ابن عقيل والشيخ.
(٣) اضطرب النقل عن الشيخ في هذه المسألة فقد نسب اليه ذلك تارة وتارة عكسه كما هو الظاهر ، انظر : التهذيب ١ : ٢٣٢ و ٤٠٩ ، والاستبصار ١ : ٣٢ ، ومفتاح الكرامة ١ : ٧٩ ـ ٨٠ ، والمدارك : ١٤.
(٤) حكاه السيد في المدارك : ١٦ ، عن أبي الحسن محمد بن محمد البصري من المتقدمين.
(٥) الكافي ٣ : ٥ حديث ١ ، التهذيب ١ : ٢٣٧ ، ٢٤٤ حديث ٦٨٦ ، ٧٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧ ، ٤٤ حديث ١٠١ ، ١٢٤.
(٦) قرب الاسناد : ٨٤ ، التهذيب ١ : ٢٣٤ ، ٢٤٦ حديث ٦٧٦ ، ٧٠٩ ، الاستبصار ١ : ٤٢ حديث ١١٨.
(٧) المنتهى ١ : ١٠.
(٨) الرّشاء : الحبل الذي يوصل به الى الماء. لسان العرب ١٤ : ٣٢٢ ( رشا ).