ح : لو أغفل لمعة في الأولى ، فانغسلت في الثانية على قصد الندب فالأقوى البطلان.
______________________________________________________
لأن نيّته غير مجزوم بها للحكم بكونه متطهرا ، وعدم توجه الخطاب بالطهارة اليه ، وعدم الجزم إنما يغتفر إذا كان مأمورا بالفعل ، كالمصلي في الثوبين المشتبهين. وقيل : لا يجب (١) ، لإتيانه بالطهارة على الوجه المعتبر ، لأنه المفروض ، ولو لا إجزاؤها مع تيقن الحدث لانتفت فائدة الاحتياط ، وفيهما منع ، وهذا بناء على ما تقدم اشتراطه في النيّة ، ولو اكتفينا بالقربة فلا إشكال في الإجزاء.
واعلم أنه لو عبر بالمبيحة بدل الواجبة ، فقال : ( بعد يقين الطهارة المبيحة ) لكان أشمل وأبعد عن الوهم.
قوله : ( لو أغفل لمعة في الأولى ، فانغسلت في الثانية على قصد الندب فالأقوى البطلان ).
اللمعة ، بضم اللام : الموضع الذي لم يصبه الماء ، أي لو ترك غسل لمعة في عضو من الغسلة الاولى ـ اعني الواجبة ـ غير عالم بها ، فانغسلت في الثانية ، ثم علم بعد جفاف البلل ، فالأصح بطلان الطهارة ، بناء على ما تقدم من اشتراط نية الرفع أو الاستباحة ، لعدم تأثير الغسلة الثانية فيهما ، فلا ينوي بها واحدا منهما ، فيبقى الخلل في الطهارة بحاله.
ويمكن القول بالصحة ، إما على الاكتفاء بالقربة فواضح ، وكذا على الاكتفاء بها مع الوجه إذا كانت الطهارة مندوبة ، أو كانت الغسلة الثانية واجبة بنذر وشبهه.
وأما على اشتراط الرفع أو الاستباحة ، فلأن الثانية إنما شرعت استظهارا على ما لم ينغسل في الاولى ، وفيه منع.
واعلم أن قول المصنف : ( فانغسلت في الثانية على قصد الندب ) قد يفهم من التقييد بالندب ، أنها لو انغسلت فيها على قصد الوجوب بالنذر وشبهه يجزئ ، وليس كذلك ، لاشتراط الرفع أو الاستباحة ، ولو قال : فانغسلت في الثانية باعتقاده ، بدل قوله : ( على قصد الندب ) لكان أولى وأشمل ، لاندراج ما إذا كانت الثانية واجبة فيه ، وما إذا لم يقصد شيئا عند فعل الثانية ، على أنه يمكن إدراج الأخيرة في العبارة ، فإنّ فعله
__________________
(١) هو قول الشهيد في الذكرى : ٨١.