وفي وجوب الغسل لنفسه أو لغيره خلاف.
______________________________________________________
الأصحاب ، ولا يتوهّم دلالة شيء من أصول المذهب عليه ، وإنّما الّذي يكفي المكلّف أن يقارن بالنيّة شيئا من البدن ، ثم يتبعه بالباقي منغمسا في الماء ، ثم تخلل ما لا بد من تخليله.
قوله : ( وفي وجوب الغسل لنفسه أو لغيره خلاف ).
طال التّشاجر بين متأخري الأصحاب في أن غسل الجنابة هل هو واجب لنفسه ، بمعنى أن حصول الجنابة كاف في وجوبه ، أم وجوبه كغيره من الطهارات يتوقّف على وجوب الغاية الّتي تطلب لأجلها؟ فقال المصنّف (١) وجماعة (٢) : بالوجوب ، وقال المحقّق (٣) وجماعة (٤) : بالثاني.
والّذي يقتضيه النّظر ، أنّ الطّهارة لم تطلب عند الشّارع إلاّ للعبادة المشروطة بها ، كما ترشد إليه الآية في تصديرها بقوله جل اسمه : ( إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا ) (٥).
ويشهد له إطباق الأصحاب على ذلك في باقي الطّهارات ، وقطع النّظر عن جميع النظائر بمجرّد الحجج المحتملة بعيد عن انظار الفقهاء ، ومن ثم قال المحقّق في المسائل المصرية : إخراج غسل الجنابة من دون ذلك تحكم بارد. ومما يؤيد ذلك ، أن تضيّق وجوب الغسل وتوسعته دائر مع تضيّق وقت تلك الغايات وتوسعته ، فإنه يشعر بأن وجوبها هو منشأ وجوبه.
وأمّا الدّلائل من الجانبين ، فمرجعها من جانب أصحاب القول الأوّل إلى تعليق الأمر بالغسل على حصول الجنابة ، في مثل قوله عليهالسلام : « إنّما الماء من الماء » (٦) ، وقوله عليهالسلام : « إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل » (٧) ، وقوله تعالى : ( وَإِنْ
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٢٩ ، منتهى المطلب ١ : ٩٣.
(٢) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : ٤٣ ، وولد المصنف في إيضاح الفوائد ١ : ٤٧.
(٣) المعتبر ١ : ١٧٧ ، شرائع الإسلام ١ : ١١.
(٤) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٤ ، وابن إدريس في السرائر : ٦.
(٥) المائدة : ٦.
(٦) صحيح مسلم ١ : ٢٦٩ حديث ٨٠ ـ ٨١ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٩ باب ١١٠ ، سنن ابي داود ١ : ٥٥ باب ٨٣.
(٧) الكافي ٣ : ٤٦ حديث ٢ ، التهذيب ١ : ١١٨ حديث ٣١١ ، الاستبصار ١ : ١٠٨ حديث ٣٥٩.