______________________________________________________
ووجه ثبوت العادة بذلك ، أن تعاقب الأقدار المختلفة لما اعتيد صار كالعدد والوقت المعتادين ، واندرج في عموم الأقراء.
ويحتمل العدم ، لأن كل واحد من المقادير ينسخ ما قبله ، ويخرجه عن الاعتبار خصوصا المتكررة ، فعلى الثّاني تعمل على التمييز ، ومع فقده فالرّوايات أو تحتاط ، وعلى الأوّل تجلس في كلّ شهر برؤية الدّم ، فان انقطع على العادة أو العشرة فذاك ، وإن عبرها فالعادة أعني نوبة الشّهر.
هذا إن ذكرتها ، فان نسيتها رجعت إلى أقل المحتملات عندها ، ثم الأقل الى أن ينتهي إلى طرف الأعداد ـ أعني أقلّها ـ فلو كانت مقاديرها ثلاثة ثم خمسة ثم سبعة ثم تسعة ، فقالت : لا أدري نوبة الشّهر خمسة أم سبعة؟ فإنّها تأخذ الخمسة ، لأنها الأقل ، ففي الثّاني هي متردّدة بين السّبعة والتسعة ، لأن نوبة الأوّل إن كانت السّبعة فما بعده تسعة ، وإن كانت خمسة فما بعده سبعة ، فتأخذها لأنّها الأقل ، وفي الثالث هي متردّدة بين التّسعة والثّلاثة فتأخذ الثّلاثة وعلى هذا ، ثم ما ذا تعمل في باقي الزمان إلى آخر العدد المحتمل؟ وجهان :
أحدهما : تحتاط بالجمع بين التكاليف الثلاثة إلى آخر المحتمل مصيرا إلى اليقين بحسب الإمكان.
والثاني : لا بل هي مستحاضة لأصالة البراءة مما عدا ذلك ، ولأن تلك هي العادة المعتبرة شرعا. ويحتمل القطع بوجوب الاحتياط هنا للجزم بإخلالها ببعض العادات في الجملة ، وكيف قلنا فلا بدّ من قضاء مقادير الدّور كلّها.
هذا إذا كانت المقادير تمر في الدّورين متسقة ، فان مرت مختلفة فلا عادة على الظاهر ، لعدم تكرر عدد منها
على الوجه المعتبر ، وقد تقدم في الكلام على المعتادة ميل المصنّف ، وشيخنا الشّهيد إلى اعتبار الأقل من المقدارين المختلفين ، فيجب انسحابه هنا ، وقد صرّح في الذّكرى بالثّلاثة (١).
__________________
(١) الذكرى : ٣٢.