ولو علم قرب الماء منه وجب السعي إليه ما لم يخف ضررا ، أو فوت الوقت ، وكذا يتيمم لو تنازع الواردون وعلم انّ النوبة لا تصل اليه إلاّ بعد فوات الوقت.
______________________________________________________
هذا ونظائره الجزم المستفاد من العادات ، وهل يكفي الظّن القوي؟ لا يبعد الاكتفاء به ، لأن مناط أكثر الشرعيات الظّن ، وقد يشهد لذلك تضاعيف كلام الأصحاب ، مثل مسألة تنازع الواردين ، ومثل قوله في الذّكرى : وتجوز النيابة في الطلب لحصول الظّن (١) ، وغير ذلك.
قوله : ( ولو علم قرب الماء منه وجب السّعي إليه ما لم يخف ضررا ، أو فوت الوقت ).
المراد بالقرب : ما يعد قربا عادة ، بحيث لا يحصل بالسّعي إليه مشقّة كثيرة ، ويكفي في خوف الضّرر قول العارف ، وشهادة القرائن ، ولا فرق في خوف الضرر بينه وبين غيره كما سيأتي.
أمّا خوف فوت الوقت ، فالظّاهر أنّه لا يكفي فيه إخبار العارف لاشتغال الذمّة يقينا باستعمال الماء ، فلا يسقط التّكليف به إلاّ بيقين يعارضه ، ولو أخلّ بالسّعي حتّى ضاق الوقت فتيمّم وصلّى أثم قطعا ، والظّاهر الاجزاء لصدق الامتثال.
قوله : ( وكذا يتيمّم لو تنازع الواردون وعلم أن النوبة لا تصل إليه إلاّ بعد فوات الوقت ).
ظاهر العبارة أنّه يتيمّم لذلك مع السّعة ويصلّي ، وهو مشكل بناء على أنّ العذر إذا كان مرجو الزوال إنّما يجوز التيمّم مع الضّيق ، والعلم بأن النّوبة لا تصل إليه إلا بعد خروج الوقت ـ على تقدير حصوله ـ لا يقتضي عدم جواز حصول الماء بطريق آخر لإمكان حصوله ببيع ، أو هبة ، ونحو ذلك ، وربما ظهر بطلان علمه الأوّل في ثاني الحال ، وهذا أوجه ، وقد نبه عليه في المنتهى (٢).
__________________
(١) الذكرى : ٢٢.
(٢) المنتهى ١ : ١٣٧.