ولو تألم في الحال ولم يخش العاقبة توضأ.
______________________________________________________
ولا فرق في ذلك بين متعمّد الجنابة وغيره على الأصح لإطلاق النّصوص (١) ، وإباحة السّبب ، ونفي الضّرر.
واختار المفيد وجماعة عدم جواز التيمّم حينئذ وإن خاف على نفسه (٢) ، والشّيخ في النّهاية جوّزه عند خوف التّلف ، وأوجب الإعادة (٣) ، والمستند أخبار لا دلالة فيها (٤) ، مع معارضتها بأقوى منها ، وأظهر دلالة ، وقبولها التأويل.
وقد أطلق الأصحاب جواز التيمّم لخوف الشّين ، وهو : ما يعلو بشرة الوجه وغيره من الخشونة المشوهة للخلقة ، وربّما بلغت تشقق الجلد وخروج الدّم.
وينبغي تقييد المجوّز بكونه فاحشا ، كما فعله في المنتهى (٥) ، لقلة ضرر ما سواه ، ويرجع في خوف الضّرر إلى الظّن المستفاد من الوجدان ، باعتبار العادة ، أو العلامات ، أو قول العارف الثقة ، والأقرب إلحاق غير الثقة به إذا كان بحيث يركن إليه في مثل ذلك ، ومنه الذّمي إذا لم يتهمه في أمر الدّين وظن صدقه ، والصّبي والمرأة كغيرهما ، ولا يشترط التعدد كالخبر لحصول الظّن بقول الواحد.
قوله : ( ولو تألم في الحال ولم يخش العاقبة توضأ ).
لانتفاء الضّرر عادة ، ولا فرق في التألم بين كونه من حرّ أو برد أو قبح رائحة الماء كالكبريتي ، أو لمرض في البدن ونحو ذلك ، ولو كان الألم شديدا جدّا لا يتحمل مثله في العادة فقد صرّح في المنتهى ، بجواز التيمّم له (٦) وهو قريب للضّرر.
وهذا كلّه إذا لم يخش العاقبة ، أي : لم يخف حدوث مرض أو زيادته ، ولا فرق في ذلك بين الوضوء والغسل ، وعليه يحمل ما روي أنّ الصّادق عليهالسلام اغتسل في ليلة باردة وهو شديد الوجع (٧) ، وقول المصنّف : ( توضأ ) خرج مخرج المثال.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٥٦ باب التيمم ، التهذيب ١ : ١٩٦ حديث ٥٦٦ ـ ٥٦٨ ، الاستبصار ١ : ١٦١ حديث ٥٥٧.
(٢) المقنعة : ٨.
(٣) النهاية : ٤٦.
(٤) الكافي ٣ : ٦٨ حديث ٢ ، ٣ ، الفقيه ١ : ٥٩ حديث ٢١٩ ، الاستبصار ١ : ١٦٢ حديث ٥٦١ ـ ٥٦٣.
(٥) المنتهى ١ : ١٣٥.
(٦) المصدر السابق.
(٧) التهذيب ١ : ١٩٨ حديث ٥٧٥ ـ ٥٧٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٢ حديث ٥٦٣ ـ ٥٦٤.