______________________________________________________
تخيروا في استعمال من شاء منهم لأنّها فروض قد اجتمعت ولا أولوية لأحدهما ، ولا دليل يقتضي التخصيص ، فوجب التخيير (١).
ولاختلاف الرّوايات في التّرجيح ، ففي رواية محمّد بن علي ، عن بعض أصحابنا قال : قلت : الجنب والميّت يتفقان في مكان ولا يكون الماء إلاّ بقدر ما يكفي أحدهما ، أيهما أولى أن يغتسل بالماء؟ قال : « يتيمّم الجنب ، ويغسل الميّت » (٢) ويؤيّدها أنّ غسله خاتمة طهارته فينبغي إكمالها ، والحي قد يجد الماء فيغتسل.
وأيضا القصد في غسل الميّت التّنظيف ولا يحصل بالتيمّم ، وفي الحي الدّخول في الصّلاة وهو حاصل به ، وقد تقدّمت رواية التفليسي بترجيح الجنب ، ويؤيّدها أنّه متعبد بالغسل مع وجود الماء ، والميّت قد خرج عن التّكليف بالموت ، ولأنّ الطّهارة من الحيّ تبيح فعل العبادات على الوجه الأكمل بخلاف الميّت. وما ذكره ضعيف ، لأن رواية التفليسي أرجح من الأخرى ، فإنها مقطوعة مع اعتضادها بصحيحة عبد الرّحمن بن أبي نجران ، عن الصّادق عليهالسلام (٣) ، فالمعتمد استحباب تخصيص الجنب.
وهذا إذا لم يكن الماء ملكا لأحدهم ، فإنه حينئذ لا يجوز له إيثار غيره به لوجوب الطّهارة به عليه عينا.
أمّا إذا كان مبذولا مطلقا ، أو مع مالك يسمح ببذله ، أو مباحا واستووا في إثبات اليد عليه ، أو مشتركا في الملك بين من سوى وارث الميّت الطفل ، إذا ضاق الوقت في هذين القسمين فإن الأفضل تخصيص الجنب به.
ولو كان في الوقت سعة لم يجز للمالك ، ولا لذي الأولوية في المباح بذله لرجاء إكماله بما يكفي للطّهارة ، نعم لو كان في غير وقت صلاة جاز ، لكن يلزم القول بتخصيص الميّت حينئذ ، بناء على وجوب غسل الجنابة لغيره. ولو بذل للأحوج بنذر أو وصيّة ونحوهما تعين صرفه للجنب ، فإنه أولى ، لما قلناه.
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢٤ مسألة ١١٩ كتاب الطهارة.
(٢) التهذيب ١ : ١١٠ حديث ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ حديث ٣٣٢ باختلاف يسير.
(٣) الفقيه ١ : ٥٩ حديث ٢٢٢ ، التهذيب ١ : ١٠٩ حديث ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ١٠١ حديث ٣٢٩.