ومسّ الميت من الناس بعد برده قبل الغسل ، أو ذات عظم منه وان أبينت
______________________________________________________
عليه ، لما عرفت من أنها في غير الصبح من أسباب الوضوء خاصّة ، وليس له أن يقول : أراد أنّها من أسباب الغسل في الجملة ، لأن الظاهر أن المراد في جميع الأسباب ، أنها أسباب متى حصلت.
واعلم أن قوله : ( ويجب الغسل بالجنابة والحيض ) يحتاج إلى فضل تكلف ، لأن الحيض هو الدم ، والمراد بإيجاب الغسل به إيجابه بخروجه ، إذ لا معنى للإيجاب به نفسه ، لما عرفت من أن السبب هو الوصف.
والجنابة : هي الحالة التي تحصل بالإنزال أو بالجماع ، فهي غنية عن تقدير شيء ، ولو قدرت معها الخروج الذي لا بد من تقديره مع الحيض فسد المعنى ، فحينئذ يجب أن تكون العبارة هكذا ، يجب الغسل بالجنابة ، وبخروج الحيض ، وأخويه ، إلى آخره.
قوله : ( ومس الميت من الناس بعد برده قبل الغسل ، أو ذات عظم منه وإن أبينت من حي ).
قيّد الميت بكونه من الناس ، لأن ميتة غير الآدمي لا يجب بمسها غسل ، وقيد المس بكونه بعد برد الميت بالموت ، إذ لو مسه حارّا لم يجب الغسل ، لأن الحرارة من توابع الحياة وللنص (١).
وقيده أيضا بكونه قبل الغسل ، كما دلّت الأخبار عليه ، في نحو خبر عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : « إذا مسّه وقبّله وقد برد ، فعليه الغسل ، ولا بأس أن يمسه بعد الغسل ويقبّله » (٢).
والمراد بالغسل : الغسل المعهود ، وهو المعتبر في حال الاختيار ، لأنه المتبادر الى الفهم ، ولأنه المطلوب شرعا ، وسقوط الطلب عن بعضه لتعذره لا يقتضي عدم اعتباره في مسمى الغسل ، ومن ثم لو غسّل للضرورة بغير خليط ، أو يمّم عن بعض الغسلات ، وأمكن الغسل المعتبر
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٦٠ حديث ١ ، ٢ ، التهذيب ١ : ٤٣٨ و ٤٣٩ حديث ١٣٦٤ ، ١٣٦٦
(٢) الكافي ٣ : ١٦٠ حديث ٣ ، التهذيب ١ : ١٠٨ حديث ٢٨٤ ، الاستبصار ١ : ٩٩ حديث ٢٢٢