______________________________________________________
قوله : ( بعد النصيب ) صريح في التقديم ، إذ المتبادر من البعدية ذلك.
فلو قال الموصي : إن لم يجز الورثة فلا تقديم لواحد من الموصى لهما الأول والثاني على الآخر ففي الجواز وجهان :
أحدهما : ـ واختاره المصنف ـ الجواز ، للأصل ، ولعموم ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ) (١).
والثاني : ونقله الشارح قولا (٢) البطلان ، لأن قوله : ( ثلث ما يبقى بعد النصيب ) نص على التقديم ، فإذا قال : لا تقديم ، كان تناقضا. كذا علل الشارح الفاضل ورده باختلاف الشرط ، فإن التقديم على تقدير الإجازة ، وعدمه على تقدير عدمها.
وفيه نظر ، لأنه إن ثبت التنافي بين أول كلام الموصي وآخره ، فإنما هو في تقديم إحدى الوصيتين وعدمه ، فيلزم بطلان اعتبار التقديم خاصة دون الوصيتين ، إذ لا تلازم بينهما وبين التقديم ، حتى انه لو كان بينهما تلازم لم يندفع البطلان باختلاف الشرط الذي ذكره.
والحق أن كلام الموصي ظاهر في التقديم ، إذ المتبادر من البعدية هذا المعنى ، مع احتمال أن يريد بها بعدية اعتبار ، بمعنى أن اعتبار قدر الوصية الثانية إنما هو مما يبقى بعد اقتطاع قدر النصيب.
فإذا نص على عدم التقديم تمحضت البعدية للمعنى الأخير ، فكأنه قال : قدر النصيب وثلث ما يبقى من المال بعد اعتباره ، إذ لم يجز الورثة ، ولم يبق لهما ما يخرجان منه إلاّ الثلث إذ لا أولوية لأحدهما على الآخر ، بل يقسط الثلث عليهما بالنسبة ، وهذا صحيح لا مانع منه.
فعلى هذا يقسط الثلث عليهما بمجموعهما ، وهو المراد من قول المصنف :
__________________
(١) البقرة : ١٨١.
(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٥٦٩.