______________________________________________________
ذلك في كل عام ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم ، وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه من الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول ، ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها ، تخفيفا مني عن موالي ، ومنا مني عليهم ، لما يغتال السلطان من أموالهم ، ولما ينوبهم في ذاتهم. فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام ، قال الله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) والغنائم والفوائد ـ يرحمك الله ـ فهي الغنيمة يغنمها المرء ، والفائدة يفيدها ، والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ، ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ، ومثل مال يوجد لا يعرف له صاحب ، ومن ضرب ما صار إلى مواليّ من أموال الخرمية (٢) الفسقة ، فقد عرفت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من مواليّ ، فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصل إلى وكيلي ، ومن كان نائيا بعيد الشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين ، فإن نية المؤمن خير من عمله. فأما الذي أوجب من الضياع والغلات فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤنته ، ومن كان ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك » (٣).
وفي جميع هذه الأدلة نظر :
أما الآية الشريفة فلأن المتبادر من الغنيمة الواقعة فيها غنيمة دار الحرب
__________________
(١) الأنفال : ٤١.
(٢) في الأصل و « ض » : الجرمية ، وما أثبتناه من المصدر و « م ». والخرمية هم أصحاب التناسخ والإباحة ـ راجع تاريخ الطبري ٧ : ٢٣٥ ، ولسان العرب ١٢ : ١٧٢.
(٣) التهذيب ٤ : ١٤١ ـ ٣٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٦٠ ـ ١٩٨ ، الوسائل ٦ : ٣٤٩ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٥ بتفاوت يسير.