______________________________________________________
نعم يمكن المناقشة في هذا الاستدلال بأن مورد الرواية خلاف محل النزاع ، لأن موردها من نذر أن يحجّ رجلا ، أي يبذل له ما يحج به ، وهو خلاف نذر الحج ، ولعل ذلك هو السرّ في إيراد المصنف الرواية بعد حكاية القولين من دون أن يجعلها سندا لأحدهما فتأمل.
ومقتضى الرواية أن المال إذا ضاق إلاّ عن حجة الإسلام يقتصر عليه ، وبه جزم في المنتهى (١) ، وهو كذلك ، لوجوب تقديمها على المنوب عنه ، ولأن وجوب إخراجها بعد الموت قطعي ، وفي وجوب إخراج المنذورة ما سبق من الإشكال.
وما ذكره المصنف من قسمة التركة بينهما مع القصور مشكل ، لأن التركة إذا كانت قاصرة عن أجرة مثل الحجتين كانت القسمة مقتضية لعدم الإتيان بواحدة منهما ، إلاّ أن يتفق من يحج بدون أجرة المثل ، والمتجه وجوب تقديم حج الإسلام مع القصور كما بيّنّاه.
وقال الشيخ في التهذيب : قوله عليهالسلام : « فليحج عنه وليه ما نذر » على جهة التطوع والاستحباب ، دون الفرض والإيجاب. واستدل عليه بما رواه في الصحيح ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل نذر لله لئن عافا الله ابنه من وجعه ليحجنه إلى بيت الله الحرام ، فعافا الله الابن ومات الأب فقال : « الحجة على الأب يؤدّيها عنه بعض ولده » قلت : هي واجبة على ابنه الذي نذر فيه؟ فقال : « هي واجبة على الأب من ثلثه ، أو يتطوع ابنه فيحج عن أبيه » (٢) والكلام في هذه الرواية كما سبق في الرواية الأولى من أن موردها خلاف محل النزاع ، وقد ظهر من ذلك أن الحكم بوجوب قضاء حج النذر من أصله مشكل جدا ، فإن كان إجماعيا فينبغي المصير إلى ما ذكره الشيخ من خروجه من الثلث ، اقتصارا
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٨٧٢.
(٢) التهذيب ٥ : ٤٠٦ ـ ١٤١٤ ، الوسائل ٨ : ٥٢ أبواب وجوب الحج ب ٢٩ ح ٣.