______________________________________________________
وعن الثاني بأنه ليس بشيء ، لأنا لا نسلم وجوب الحج من البلد ، بل لو أفاق المجنون عند بعض المواقيت أو استغنى الفقير وجب أن يحج من موضعه ، على أنه يحصل (١) إلى أن الإنسان يجب عليه أن ينشئ حجه من بلده ، فدعواه هذه غلط ، فما رتبه عليه أشد غلطا (٢).
وينبغي التنبيه لأمور :
الأول : الموجود فيما وقفت عليه من كتب الأصحاب حتى في كلام المصنف في المعتبر (٣) أن في المسألة قولين كما نقلناه ، وقد جعل المصنف هنا الأقوال ثلاثة ، ولا يتحقق الفرق بين القولين الأخيرين إلا على تقدير القول بسقوط الحج مع عدم سعة المال للحج من البلد على القول الثاني ، ولا نعرف بذلك قائلا ، مع أنه مخالف للروايات كلها.
الثاني : الظاهر أن المراد من البلد الذي يجب الحج منه على القول به محل الموت حيث كان ، كما صرح به ابن إدريس (٤) ، ودل عليه دليله. وقال في التذكرة : لو كان له موطنان قال الموجبون للاستنابة من البلد يستناب من أقربهما (٥). وهو غير واضح ، لأن دليل الموجبين إنما يدل على ما ذكرناه.
الثالث : أوجب الشهيد في الدروس القضاء من المنزل مع السعة ، ثم قال : ولو قضي مع السعة من الميقات أجزأ وإن أثم الوارث ، ويملك المال الفاضل ، ولا يجب صرفه في نسك أو بعضه ، أو في وجوه البر (٦). ويشكل بعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه على هذا التقدير ، فلا يتحقق الامتثال.
__________________
(١) أي : يرجع ، والموجود في المعتبر : على أنه لم يذهب محصل إلى.
(٢ ، ٣) المعتبر ٢ : ٧٦٠.
(٤) السرائر : ١٢٠.
(٥) التذكرة ١ : ٣٠٧.
(٦) الدروس : ٨٦.