منها ، فيعزله ويعزل الميتة ، ثم إن الميت والمذكى اختلطا كيف يصنع به؟ قال : يبيعه ممن يستحل الميتة ، فإنه لا بأس به ».
ومال إليه المصنف في الجملة حيث قال ( وربما كان حسنا إن قصد بيع المذكى حسب ) وكأنه لاحظ الجواب بذلك عما ذكره ابن إدريس وغيره من المنع ، لما عرفت من حرمة الانتفاع بالميتة بالبيع وغيره ، لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه.
ولكن قد يشكل بما في المسالك من أنه مع عدم التميز يكون المبيع مجهولا ولا يمكن إقباضه ، فلا يصح بيعه منفردا ، وبأنه قد يأخذ أكثر من ثمن المذكى إذا باع الاثنين ظاهرا ، وبأنه يقصد بيع الواحد والمشتري أكثر ، وبأنه لو كان مع قصد ذلك يصح البيع لصح بيعه لغير المستحل ، وبأن المستحل مشارك لغير المستحل في الحكم الذي هو عدم جواز الانتفاع المقتضي لعدم صحة البيع من غير المستحل ، لأن الأصح مخاطبة الكافر بالفروع.
ولعله لذا قال في المختلف تخلصا من ذلك : « إنه ليس بيعا ، بل استنقاذ مال الكافر برضاه » وإن كان قد يناقش ـ مع كونه منافيا لأصالة الحقيقة ـ بعدم انحصار المستحل لها في غير محترم المال كالذمي ونحوه ، ورضاه لا يقتضي جواز المعاملة معه بوجه فاسد حتى يؤثر إباحة ماله الذي فرضنا احترامه.
نعم قد يقال : إن المراد بالبيع في النص مطلق النقل الذي يكون بالصلح والهبة المعوضة ونحوهما مما لا يشترط فيه المعلومية ، أو يقال بالاكتفاء في صحة البيع مع قصد المذكى منهما وإن اشتبه بغيره ، خصوصا بعد فرض كونه معلوما لهما ، ويكفي في القبض التخلية بينه وبينه ، وليس فيها إعانة على الإثم إذا قبض الكافر الجميع لنفسه ، وكونه مكلفا بالفروع لا ينافي