قلت : لا يخفى عليك ما في الأخير من كلامه من احتمال الكشف المنافي لما هو كالصريح من جعلهم له قسما من مستقر الحياة ظاهرا وواقعا على أن استقرار الحياة عرفي لا يرتفع بسرعة موته قبل إدراك تذكيته.
كما أنه لا يخفى عليك ما في أوله أيضا من كون المراد منه الإمكان الذي لا ينافيه وقوع النقيض ، ضرورة صراحة كلامهم بكونه قسما من مستقر الحياة لم يسع الزمان لذبحه وإن علم عدم إمكان أن يعيش المدة المزبورة ، على أنه في آخر المدة المزبورة هو من مستقر الحياة مع عدم المدة وفرض مدة أخرى له ينافي التقدير بها.
ولعله لذا أو لغيره اعترف بعض من تأخر عنه بضعف الجواب المزبور ، وأن فيه من التعسف ما لا يخفى ، واعترف بورود الاشكال على فرض تفسير استقرار الحياة بذلك.
هذا وربما أشكل المقام أيضا بأمر آخر ، وهو أن جماعة ممن اختار جعل المدار في التذكية وعدمها على مضمون النصوص (١) السابقة من طرف العين وركض الرجل ومصع الذنب فصلوا بين مستقر الحياة وغيره في مواضع كثيرة من هذا الكتاب ، فحكموا في الأول بلزوم التذكية في الحل وفي الثاني بعدمه ، وهذا التفصيل لا يتصور إلا على تقدير تفسير استقرار الحياة بما ذكره في المبسوط وتبعه الجماعة من إمكان بقاء الحياة المدة المزبورة ، فإنه هو الذي يتصور فيه التفصيل بين مستقر الحياة ، وهو ما أمكن أن يعيش المدة وغيره ، وهو ما قابله ، وأما تفسيره بإدراكه وعينه تطرف ورجله تركض فغير متصور فيه التفصيل الذي مر ، إذ لا حركة دون الحركات المزبورة تعد قسما آخر تقابل مستقر الحياة أيضا.
هذا وفي الرياض « أنه يمكن الذب عن هذا الاشكال بما هو حقيق
_________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الذبائح.