على المصدر ، بمعنى : كلّ نوع من أنواع الاقتصاص نقصّ عليك ما نثبّت به فؤادك من أنباء الرسل.
(وَجاءَكَ فِي هذِهِ) السورة ، أو الأنباء المقتصّة عليك بالأساليب المختلفة (الْحَقُ) أي : ما هو حقّ وصدق (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى) وتذكرة (لِلْمُؤْمِنِينَ) إشارة إلى سائر فوائده العامّة.
(وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) من أهل مكّة وغيرهم (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) على حالكم الّتي أنتم عليها ، مثل قوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (١).
(إِنَّا عامِلُونَ) على حالنا ممّا أمرنا الله به.
(وَانْتَظِرُوا) بنا الدوائر (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أن ينزل بكم نحو ما قصّ الله من النقم النازلة على أمثالكم.
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خاصّة ، لا يخفى عليه خافية ممّا فيهما ، فلا يخفى عليه أعمالكم.
وما نقل عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ورواه (٢) عنه الخاصّ والعامّ من الإخبار بالغائبات في خطب الملاحم وغيرها ، وكذا ما نقل عن أولاده المعصومين عليهمالسلام من الأمور الغيبيّة ، فهو متلقّى عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا اطّلعه الله عليه.
فلا معنى لنسبة من روى عنهم هذه الأخبار المشهورة إلى أنّه يعتقد كونهم عالمين بالغيب ، كما اعترض ذلك بعض المخالفين على الشيعة الإماميّة عنادا وتعصّبا وعداوة. وهل هذا إلّا سبب قبيح وتضليل لهم ، بل تكفير لا يرتضيه من هو بالمذهب خبير؟ والله يحكم بينه وبينهم وإليه المصير ، كما قال : (وَإِلَيْهِ) وإلى حكمه (يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) فيرجع لا محالة أمرهم وأمرك إليه ، فينتقم لك منهم.
__________________
(١) فصّلت : ٤٠.
(٢) انظر الأحاديث الغيبيّة ٢ : ١٢٩ وبعدها.