هذه الأشياء وتدبيرها قدر على الإعادة والجزاء ، وأنّ هذا المدبّر والمفصّل لا بدّ لكم من الرجوع إليه.
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) بسطها طولا وعرضا لتثبت عليها الأقدام ، ويتقلّب عليها الحيوان (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) جبالا ثوابت ، من : رسا الشيء إذا ثبت ، جمع راسية. والتاء للتأنيث ، على أنّها صفة أجبل ، أو للمبالغة. (وَأَنْهاراً) ضمّها إلى الجبال ، لأنّ الجبال أسباب لتولّدها.
(وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) متعلّق بقوله : (جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي : وجعل فيها من جميع أنواع الثمرات صنفين اثنين ، كالحلو والحامض ، والأسود والأبيض ، والرطب واليابس ، والصغير والكبير ، وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة. وذكر «اثنين» للتأكيد.
(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) يلبس ظلمة الليل ضياء النهار ، فيصير الجوّ مظلما بعد ما كان مضيئا. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر : يغشّي بالتشديد. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فيها ، فإنّ تكوّنها وتخصّصها بوجه دون وجه دليل على وجود الصانع الحكيم الّذي دبّر أمرها وهيّأ أسبابها.
(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متقاربة ، بعضها طيّبة ، وبعضها سبخة ، وبعضها رخوة ، وبعضها صلبة ، وبعضها يصلح للزرع دون الشجر ، وبعضها بالعكس ، ولو لا تخصيص قادر موقع لأفعاله على وجه دون وجه لم تكن كذلك ، لاشتراك تلك القطع في الطبيعة الأرضيّة ، وما يلزمها ويعرض لها بتوسّط ما يعرض من الأسباب السماويّة ، من حيث إنّها متضامّة متشاركة في النسب والأوضاع.
(وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) أي : وبساتين فيها أنواع الأشجار والزروع. وتوحيد الزرع لأنّه مصدر في أصله. (صِنْوانٌ) نخلات أصلها واحد ،