(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) فأظهر ، من : صدع بالحجّة إذا تكلّم بها جهارا. أو فافرق به بين الحقّ والباطل. وأصله الإبانة والتمييز. و «ما» مصدريّة ، أي : بأمرك ، مصدر من المبنيّ للمفعول. أو موصولة ، والراجع محذوف ، أي : بما تؤمر به من الشرائع. (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) ولا تلتفت إلى ما يقولون.
(إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) بقمعهم وإهلاكهم.
روي : أنّهم كانوا خمسة نفر ذووا أسنان وشرف : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطّلب ، والحارث بن قيس ـ وقيل : ستّة ، سادسهم الحارث بن الطلاطلة ـ يبالغون في إيذاء النبيّ والاستهزاء به. فقال جبرئيل لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
أمرت أن أكفيكهم ، فأومأ إلى ساق الوليد فمرّ بنبال فتعلّق بثوبه سهم ، فلم ينعطف تعظّما لأخذه ، أي : منعه الكبر أن يخفض رأسه فينزعه ، فأصاب عرقا في عقبه فقطعه فمات. وأومأ إلى أخمص العاص بن وائل فدخلت فيه شوكة ، فقال : لدغت لدغت ، وانتفخت رجله حتّى صارت كالرحى ومات. وأشار إلى أنف الحارث بن الطلاطلة فامتخط (١) قيحا فمات. وأشار إلى عيني الأسود بن المطّلب فعمي. وإلى الأسود بن عبد يغوث وهو قاعد في أصل شجرة ، فجعل ينطح رأسه بالشجرة ، ويضرب وجهه بالشوك حتى مات.
وقيل : إنّ الحارث بن قيس أكل حوتا مالحا فأصابه العطش ، فما زال يشرب حتّى نفخ بطنه فمات. وعن ابن عبّاس : ماتوا كلّهم قبل وقعة بدر.
(الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عاقبة أمرهم في الدارين.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) من الشرك ، والطعن في القرآن ، والاستهزاء بك (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) فافزع إلى الله فيما نابك بالتسبيح والتحميد يكفك المهمّ ، ويكشف الغمّ عنك. أو فنزّهه عمّا يقولون ، حامدا له على أن هداك
__________________
(١) أي : أخرج القيح ، وهو ما يسيل من الجراحة والقرح.