وهكذا كان حين احسست ان هاتفاً يدفعني دائماً لمواصلة نظم قوافي ـ هذه الملحمة ـ والابتعاد عن الكسل والاسترخاء ، فبدأت بنظم حياة الامام الصادق ، الحافلة بالعطاء والمفعمة بالخير ، وفضائل العلم ، ومكارم الاخلاق.
وقد اجدُ نفسي مضطراً أن اذكر للقرّاء الاعزاء ان هذه الملحمة الشعرية الطويلة لم تتشكل في اجواء الفراغ والترف الادبي ، انما كنتُ اعدُ فصولها شعراً ونثراً وسط المعاناة ، وعلى اضواء الشموع في ليالي بغداد الحزينة ، فالظلام ما زال يحاصر بغداد حتى بعد سقوط الاصنام. بل ان اكثر فصول الملحمة واحداثها المثيرة والمفجعة في حياة اهل البيت عليهمالسلام جاءت مع الدموع لأن التاريخ ـ مع الاسف ـ ما زال يعيد نفسه باستمرار ، حيث تتكرر تلك الفواجع الفضيعة في كل مرحلة من مراحل تاريخنا وعلى مختلف خطوط الصراع والمواجهة.
فالامام جعفر الصادق عليهالسلام هو اول جزء يطبع في العراق بعد العودة ، وتلته الاجزاء الاخرى السبعة للأئمة الطاهرين ، وبعد اكمال النظم والتعليقات على باقي الاجزاء في حياة الائمة الهداة عليهمالسلام اقترح علي بعض الاخوة الاعزاء ان اجمع كل اجزاء قوافل النور في مطبوعة واحدة متكاملة خصوصاً وأني قد أضفت إليها أبياتاً لتغطية بعض النقاط التاريخية المهمة ، وكذلك من اجل ان تكون الملحمة بكل فصولها حاضرة بين يدي القراء الكرام ، ولكي تظهر روعة الترابط غير المرئي بين اجزائها ، وتبرز الخيوط الموصلة عبر التاريخ بين كل المواقف الرائعة في مسيرة وحياة أهل البيت عليهمالسلام الزاخرة بالعطاء الدائم الذي ليس له انقطاع ، واشير هنا الى ان عدد ابيات هذه الملحمة قد بلغ (٣٥٩٤) ثلاثة آلاف وخمسمائة واربعة وتسعين بيتاً.
و « مؤسسة دار الاسلام » اذ تقدم هذه
الملحمة الشعرية قوافل النور لقراء العربية ، انما تهدف الى تعميق الصلة والرابطة بين ابناء الامة ، وبين عناصر القوة
في عقيدتها المتمثلة بسيرة الرسول صلىاللهعليهوآله واهل بيته عليهمالسلام عبر الزمن ، وتهدف كذلك الى اكتشاف ينابيع الخير والبر والقيم الانسانية ، ومواقف البطولة والفداء في