يستفاد منها إبراز خصوصية النص القرآني في نظمه اللغوي الذي يختلف عن الشعر. وقد رأى بعضهم أنّ ذم الشعر والشعراء يفهم من قوله تعالى :
( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُون ) (١)
فهل الشعراء فئة مذمومة عند الله ، وليس للانسان الذي يريد أن يحصل على محبّة الله ورضاه أن يكون شاعراً ؟
وبالرجوع إلى كتب التفسير لم أجد فيها مَن يقطع باستفادة ذم الشعر والشعراء مطلقاً من الآيات الكريمة. بل إنّهم فرّقوا بين الشعراء الذين يفرون من الواقع ويلجأون إلى الخيال ، الذين هم بلا هدف وسرعان ما يتبدل خطّهم الفكري لأنهم واقعون تحت تأثير العواطف ، وأنّهم يقولون ما لا يفعلون ولا يطبقون كلامهم على أنفسهم ، وبين الشعراء المخلصين ذوي الأهداف السامية ودعاة الحق ، الذين يبحثون في شعرهم عن الأهداف الإلهية ولا يغرقون في الأشعار فيغفلون عن ذكر الله ، صفاتهم ،. الإيمان والعمل الصالح وذكر الله كثيراً ، والانتصار للحق مستعينين بشعرهم في الذبّ عنه.
الصنف الأوّل ذمّهم القرآن الكريم ، وأن أتباعهم من الغاوين ، أمّا الصنف الثاني ، أعني شعراء الهدف والعقيدة فهؤلاء سلاح قوي في المعركة تماماً كما هو النبل عندما يسدده المقاتل إلى صدور الأعداء.
قال في مجمع البيان ٧ / ٢٠٨ :
« عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال :يا رسول الله ! ماذا تقول في الشعر ؟ فقال : أنّ المؤمن مجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده لكأنّما ينضحونهم بالنبل ، وقال النبي صلىاللهعليهوآله لحسان بن ثابت : أهجهم وروح القدس معك .. ».
__________________
(١) الشعراء ٢٦ : ٢٢٤ ـ ٢٢٦