ويرجع سبب ذلك إلى أن ثورة الامام الحسين صرخة الحق الدائمة ضد الباطل فهي أكبر من حدث تاريخي وأوسع من مقتل شخصيات ، إنها حركة خارجة عن مدار التاريخ ومغايرة لطبيعة الأشياء ، ولم تستوعبها كتب التراث ، وفرق كبير بين أحداث التراث والتاريخ وأحداث الحياة ، فأحداث التراث تستغرق في الماضي وتتوقف عنده بلا حراك ، أما أحداث الحياة فهي نبض الماضي وتحرك الحاضر باتجاه المستقبل بل هي حركة الانسان المتجددة نحو التحرر والانعتاق.
إنّ ثورة الحسين عليهالسلام صنعت التاريخ وغيرت تشكيل الأشياء ورسمت ملامح الزمن القادم ، وكانت لها دلالات عميقة مؤثرة في مسار الأمة الإسلامية منذ وقوعها وحتى اليوم وستستمر إلى ما شاء الله .
ومن خلال مواصلتي في إعداد مشروع « قوافل النور » حرصتُ في هذا الجزء الذي هو الخامس من هذه الملحمة على استيعاب حياة الامام الحسين عليهالسلام ودوره التاريخي بدءاً من ميلاده الشريف وانتهاءً بمقتله مع أهل بيته عليهمالسلام وأصحابه الكرام ، معتمداً على أشهر الروايات في واقعة كربلاء ، وتركت ما لم تثبت عندي وثاقته من أحداث ووقائع حرصاً على أن تأتي هذه الملحمة المباركة مطابقة للصحيح المشهور في مقتل الامام أبي عبد الله الحسين عليهالسلام وقد ضمنتها الكثير من الرجز المعروف الذي قيل على لسان سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه الأبطال ، وهم يبتسمون للشهادة ، وينشدون أنشودة الخلود وسط أتون المعركة.
وكان هدفي من ذلك تسهيل مهمة خطباء المنبر الحسيني الشريف في تقديم مادة أدبية وتاريخية عند تناولهم مأساة كربلاء للجمهور الإسلامي الذي يتطلع للاقتداء بأولئك الابطال النادرين.
ولاعتقادي أنّ ثورة الحسين هي مادة
ثقافية تربوية ضرورية لتشكيل عقلية الجيل الإسلامي الجديد ، الذي لم يتوفر على طريقة استيعاب الرواية التاريخية من