__________________
=
فلمّا سمعن النساء هذا منه صحن وبكين وارتفعت أصواتهن فأرسل اليهن أخاه العباس وابنه علي الأكبر وقال لهما : سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن.
ولمّا سكتن حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد وعلى الملائكة والانبياء وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه.
ثم قال : الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد اسخطتم الله فيه عليكم وأعرض بوجهه الكريم عنكم وأحل بكم نقمته وجنبكم رحمته فنعم الربّ ربّنا وبئس العبيد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد صلىاللهعليهوآله ثم انكم زحفتم الى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبّاً لكم ولما تريدون إنا لله وإنا ليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين.
أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا الى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأوّل المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه ، أوَ ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي ، أو ليس جعفر الطيار عمّي ، أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي : هذان سيدا شباب أهل الجنة ، فان صدقتموني بما أقول وهو الحق والله ما تعمّدت الكذب منذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله ويضرّ به من اختلقه ، وإن كذّبتموني فانّ فيكم مَن إن سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنس بن مالك ، يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي ، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي.
فقال الشمر : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول.
فقال له حبيب بن مظاهر : والله إنّي أراك تعبد الله على سبعين حرفاً وأنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك.
ثم قال الحسين عليهالسلام فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون إني ابن بنت نبيكم فوَالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته او بقصاص جراحة ، فأخذوا لا يكلّمونه.
=