« العرب إذا أرادت العناية بشيء قدمته » ولهذا فالجملة الثانية جملة تحويلية فيها عنصر من عناصر التحويل « الترتيب ».
وبناءً على هذا الفهم نجد أنّ السّد الشامي قد استخدم عنصر التحويل هذا في كثير من أبيات الملحمة منها عند حديثه عن حالة العرب قبل الإسلام ، قال :
عادتهم وأد البنات جهلا |
|
مستسهلين دفنها والقتلا |
والخمرُ فيهم والرّبا قد شاعا |
|
بجهلهم قد ألفوا الضياعا (١) |
فجملة « الخمر فيهم والرّبا قد شاعا » قدّم السيّد كلمة « الخمر » وهي فاعل الفعل « شاع » لأنّ الجملة الأصل « شاع الخمر فيهم » لأنّه يريد بيان الشائع في المجتمع العربي ، أي العناية بما هو شائع لا بمفهوم الشياع ، قدّم الفاعل « الخمر » على فعله « شاع » مع ملاحظة أمرين في هذا المقام :
أولهما أنّ الألف في « شاعا » لإشباع حركة الفتح لاستقامة وزن البيت وليست ألف الضمير ، والثاني أنني أقول بفاعلية الخمر بناءً على ما يراه الكوفيون من جواز تقديم الفاعل على فعله خلافاً للبصريين ، وعلى قول البصريين في المعنى لا في الشكل فالخمر عندهم فاعل في المعنى مبتدأ في الصنعة النحوية. وكذا الحال في حديثه عن سيرة الإمام علي عليهالسلام :
وسورةُ الدهرُ لهم تشيرُ |
|
إذ أُكرمَ اليتيمُ والأسيرُ |
وأطعموا الطعام دون منّة |
|
لكنّما حبّاً له والجنّة (٢) |
فقد قدم الفاعل « سورة » على فعله « تشير » لتأكيد المفهوم الذي جاءت به سورة الدهر في قوله تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) (٣)
__________________
(١) القوافل ١ / ١٦.
(٢) القوافل ٢ / ١٤.
(٣) الانسان ٨ :٧٦ .