ففي الشطر الأوّل قدّم الجار والمجرور « وفي زرود » على جملة الفعل والفاعل ، لتكون الجملة تحويلية فعلية بالترتيب ، لأنّ إيضاح المكان له أهميّته في التأريخ لخط مسيرة الإمام الحسين عليهالسلام ، وفي الشطر الثاني قدّم ما هو مفعول به على الفعل وفاعله لتكون الجملة هي الأخرى تحويلية فعلية فيها عنصرا تحويل : أحدهما الترتيب والآخر الزيادة « قد » لتحقيق وقوع الفعل بشخص الشهيد مسلم بن عقيل عليهالسلام. ليعطي الخبر إيقاعه المناسب في النفس ، ولعلّ القراءة الدلالية للتركيب تفيد الفارق بين « فتك الأعداء بمسلم » وبين نصّ الملحمة المشار إليه. لأنّ إفادة التخصيص المرادة حققها تقديم الجار والمجرور في الموضعين وليست المسألة متعلقة بالوزن الشعري وضرورته ، لأنّ الشاعر عنده قدرة على صياغة القوافي بما يتلاءم مع غرضه ، ولعلّ من أمثلة ذلك في شعرنا العربي قول الشاعر :
بيد العفاف أصون عزّ حجابي |
|
وبعصمتي أسمو على أترابي |
فإنّ الجار والمجرور قد تقدّم لإفادة التخصيص ، ولو كان التركيب قد جاء « أصون عزّ حجابي بيد العفاف » لكانت الدلالة مختلفة عن الغرض المراد من التقديم ، وكذا الحال في الشطر الثاني. وفي نظمه ليوم عاشوراء كان هناك أكثر من موضع فيه تحويل في الترتيب منها قوله :
وحين هزّ الرّايةَ العبّاسُ |
|
احتبست في الأضلعِ الأنفاسُ |
لأنّه الثابتُ في الطعانِ |
|
وقابضُ الأرواح في الميدانِ (١) |
أراد بتقديم المفعول به « الرّاية » لأنها محط الأنظار في الحروب ، لتكون دليلاً على حاملها ، لأنّ مَنْ يحمل الرّاية له مكانته المميزة عند قائد المعركة ، ولهذا تجد القارىء يتلهف بعدها إلى معرفة الحامل ، وهو هنا العباس بن علي عليهالسلام.
__________________
(١) القوافل ٤ / ٦٧.