__________________
=
واجهت قريش مشكلة كبيرة ، فقد كانت دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله تؤثر في محيط مكة ، وحاول زعماء قريش ان يمنعوا الرسول من نشر دعوته ، ففاوضوه على ان يترك امر دعوته ، مقابل ان يعطوه ما يريد ، لكنه رفض عروضهم بكل حسم ، حتى قال قولته الشهيرة : « والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه » وحاولوا ان يضغطوا على عمه ابي طالب من اجل ان يمنعه عن دعوته ، لكنهم لم يجدوا تجاوباً منه ، فقد كان ابو طالب يدافع عن الرسول صلىاللهعليهوآله ويعلن حمايته له ، وفي ذلك يقول ابو طالب :
والله لن يصلوا اليك بجمعهم |
|
حتى أُوسد في التراب دفينا |
ولقد علمتُ بأنّ دينَ محمدٍ |
|
من خيرِ اديان البرية دينا |
وعندما وجدت قريش انها لا تستطيع ان تثني الرسول صلىاللهعليهوآله عن مهمته الرسالية ، لجأت الى اسلوب الضعفاء ، وذلك بأن اخذت تعذب المسلمين بأقسى انواع العذاب الجسدي ، لكن المسلمين ضربوا المثل الاعلى في الصمود ، حتى استشهد منهم ياسر وسمية ، والدا الصحابي الجليل عمار وقد كان يقول لهم كلما مرّ على ساحة تعذيبهم :
« صبراً آل ياسر ان وعدكم الجنة ».
كان القرآن مشكلة قريش الكبرى ، فقد كان لسحر بيانه الاثر الواضح في النفوس ، وقد ادرك سراة قريش ان العرب وهم اهل البيان ، سوف يتأثرون بالرسول من خلال القرآن الكريم ، لذلك حاولوا ان يمنعوا الناس من الاستماع الى قراءة القرآن. فكانوا ينهالون بالضرب على كل من يقرأ القرآن في المسجد الحرام ، كما حدث مع الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود. ومن اجل ان تنجح قريش في خطتها كانت تمنع الناس القادمين الى مكة من اللقاء بالرسول والاستماع الى حديثه او قراءته للقرآن. يروى ابن هشام في سيرته ، قصة اسلام الطفيل بن عمر الدوسي يقول :
« كان الطفيل بن عمر الدوسي يحدث
: أنه قدم الى مكة ورسول الله بها ، فمشى اليه رجالٌ من قريش ، وكان الطفيل رجلاً ، شريفاً ، شاعراً ، لبيباً ، فقالوا له : يا
طفيل انك قدمت بلادنا وهذا الرجل ـ يقصدون الرسول صلىاللهعليهوآله ـ الذي بين اظهرنا
قد اعضل بنا ، وقد فرّق جماعتنا ، وشتتَ أمرنا ، وإنما قوله كالساحر يفرق بين الرجل وبين أبيه ، وبين
الرجل وبين أخيه ، وبين الرجل وبين زوجته ، فلا تسمعنّ منه شيئا ، قال : فوالله ما زالوا
بي حتى
=