__________________
=
لمواجهة تحديات الواقع الثقافي والسياسي في عصر المأمون ، مما حدى به الى التفكير في كيفية التخلص من الامام ، لأن وجوده بدأ يضايقه ، اضافة الى وشاية الواشين وخبث وسعي العباسيين للتخلص منه ، كل هذه العوامل قد خلقت عند المأمون هاجس الخوف من الامام ، وبدأ في هذه اللحظات بوضع خطة ذكية للتخلص من الامام وخطره على الخلافة والعباسيين بشكل عام ، وفي هذا يقول الشيخ باقر شريف القرشي : لم يمض وقت طويل على تقلد الامام لولاية العهد حتى تنكّر له المأمون واضمر له السوء والغدر ، واخذ يبغي له الغوائل ففرض عليه الرقابة الشديدة ، وحبسه في بيته ومنع العلماء من الاتصال به بل ، وتميّز عليه غيضاً لما يتمتع به الامام من مكانة عُظمى في نفوس المسلمين ، اضافة لما يتمتع به الامام من سعة العلم ومعالي الاخلاق وسمو التقوى. حياة الرضا ٢ / ٣٦٧.
نص الامام الرضا عليهالسلام على امامة ابنه محمد الجواد عليهالسلام قبل ان يولد واستمر بالتنصيص عليه رغم السنوات القليلة التي عاشها الجواد عليهالسلام مع ابيه الرضا عليهالسلام وإليك صورة من تسلسل هذه النصوص وتدرجها بحسب مراحلها الزمنية.
ـ هذا المولود لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه. الكافي ١ / ٣٢١.
ـ عن معمر بن خلّاد قال : سمعت الرضا عليهالسلام وذكر شيئاً ، فقال : ما حاجتكم الى ذلك هذا ابو جعفر قد اجلسته مجلسي وصيرته مكاني إنا أهل بيت يتوارث اصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة. الكافي ١ / ٣٢٠.
ـ وعلى الرغم من ابتعاد الامام الرضا عليهالسلام عن المدينة الا انه كان دائم الاتصال بابنه الجواد عليهالسلام وكان يخاطبه في رسائله بالتعظيم والتوقير ، وما كان يذكر محمد ابنه الا بكنيته فيقول : « كتب اليَّ ابو جعفر ، وكنت اكتب الى ابي جعفر .. » فيخاطبه بالتعظيم ، وكانت ترد كتب ابي جعفر في نهاية البلاغة والحسن ، ويضيف الراوي ؛ ابو الحسن محمد بن ابي عباد انه سمع الرضا عليهالسلام يقول : ابو جعفر وصيّي وخليفتي في اهلي من بعدي. الصراط المستقيم ٢ / ١٦٦.
وكانت النصوص على امام الجواد عليهالسلام عديدة ومتظافرة ، اختلفت في ظاهرها بسبب اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية التي تحيط بالامام الرضا عليهالسلام وبابنه الجواد عليهالسلام وباتباعه وانصاره ، وبسبب اختلاف اصحابه في الوعي ودرجة التلقي ، وكتمان السر ، وقربهم وبعدهم عن الامام عليهالسلام من حيث الولاء السياسي والعاطفي.