__________________
=
وأعطى النبي صلىاللهعليهوآله رايته لعلي عليهالسلام وتبعه المسلمون مع ما بهم من ألمِ الجراح والجوع ، والسهر ، من أثر محاصرة الاحزاب .. واستولى الهلع والخوف على اليهود حين رأوا الرسول والمسلمين معه يحيطون بهم وأيقنوا أن النبي غير تاركهم حتى يناجزهم بشدة وحسم عن موقفهم الخياني الجبان.
وطلب اليهود أبا لبابة وهو عبدالله بن عبد المنذر يستشيرونه في امرهم ، ولكنه كشف لهم عما كان يعلمه من مصيرهم حين قاموا اليه صغاراً وكباراً يبكون. السيرة النبوية : ٢ / ٢٣٧.
ولم يقبل النبي صلىاللهعليهوآله عرض بني قريضة وهو الجلاء والارتحال عن المدينة من دون عقوبة تناسب موقفهم الخياني السابق وهو نقض العهد ومحاولة الانقضاض على المسلمين. وأبا إلا النزول على حكم الله ورسوله ، وحاول الأوس التوسط ـ بطلب من اليهود ـ لدى النبي صلىاللهعليهوآله لحلِّ ازمتهم. فقال النبي صلىاللهعليهوآله للأوس : « ألا ترضون أن أجعل بيني وبين حلفائكم اليهود رجلاً منكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال صلىاللهعليهوآله فقولوا لهم أن يختاروا من الأوس من شاؤوا. فاختار اليهود سعد بن معاذ. حكماً وكان سعد جريحاً ، فحملوه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأستقبله وقال لمن حوله : قوموا الى سيدكم فقاموا اليه. ثم حكم سعد بقتل الرجال « المقاتلة » وسبي النساء والذراري وتقسيم الاموال على المسلمين. فقال له النبي صلىاللهعليهوآله لقد حكمت فيهم ـ يا سعد ـ بحكم الله فوق سبع أرقعة » اي سبع سموات. السيرة النبوية ٢ / ٢٣٩
وعلى إثر الانتصارات التي حققها المسلمون في المعارك الحاسمة تحولوا الى قوة كبيرة في الجزيرة ، وهنا بدأ يشدهم الشوق والحنين الى مكة الوطن والبيت الحرام ، وترتسم أمام عيونهم خيوط الأمل بالعودة اليها بعد الهجرة الطويلة. فهم يتطلعون الى اليوم الذي تتحقق فيه احلامهم بفتحها ، باعتبارها القلعة التي بقيت مستعصية على الفتح في طريق مسيرة الدعوة الاسلامية ، وهكذا سارت عجلة الاحداث وبدأت تباشير الفجر تلوح لهم في الأفق القريب ، فها هم يتجمعون ويشدون الحزم ، وينتظرون الإذن في المسير إلى مكة.