أنّ تكبيرة واحدة ـ وهي تكبيرة الإحرام التي يحرم بها منافيات الصلاة ـ مجزئة في تحصيل تلك الطبيعة التي جعلها افتتاحا ، وأنّ ضمّ ماعداها من التكبيرات الستّ أفضل في تحصيل ما تعلّق به الغرض من الأمر بالافتتاح بالتكبير ، فيكون سائر التكبيرات جزءا لما جعله الشارع افتتاحا للصلاة أوّلا وبالذات ، ولنفس الصلاة ثانيا وبالعرض ، وبهذا يحصل التوفيق بين الأخذ بظواهر النصوص وعدم التخطّي عمّا اتّفقت عليه كلمة الأصحاب من وجوب إحدى التكبيرات ، ولزوم تعيّنه بالقصد ، فعلى هذا يكون المراد بالدخول والافتتاح الذي يعتبر أن يقصده بتكبيرة الإحرام هو الدخول المعتدّ به الذي يحصل بالتلبّس بأركان الصلاة و [ واجباتها ] (١) ، ويترتّب عليه حرمة المنافيات ، كما أنّ المراد بالخروج الذي يقصده بالتسليمة الأولى من التسليمتين الأخيرتين إنّما هو الخروج بهذا المعنى الذي لا ينافيه بقاء نحو من التلبّس المصحّح لإتيان الأخيرة بعده بعنوان الجزئيّة على سبيل الاستحباب ، والله العالم.
ثمّ إنّا لو قلنا بتعيّن الأولى للإحراميّة فأتى بالجميع قاصدا للإحراميّة بالأخيرة ، صحّت الأخيرة ، وتحقّق بها الدخول في الصلاة ، وبطل ما قبلها ؛ لمخالفته للمأموربه.
نعم ، بناء على أنّ تعيّن الأولى من باب أنّها أوّل ما يتحقّق المسمّى وإلّا فليس لتكبيرة الإحرام خصوصيّة زائدة عن طبيعة التكبير المأتيّ به للافتتاح قد يتّجه صحّة الجميع فيما إذا لم يؤثّر قصده تقييدا في الفعل أو في طلبه بحيث يخرجه عن حقيقته بأن قصد بالأولى التكبيرة التي لا يتحقّق بها الإحرام ، أو قصد
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «واجباته». والصحيح ما أثبتناه.